الجمعة، 2 يونيو 2017

8 رمضان 1438 هـ - طلحة وسعد

في غزوة أحد ؛ أشيع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل . فقد قتل في هذه المعركة الصحابي الجليل مصعب بن عمير وكان شديد الشبه به صلى الله عليه وسلم ، فصاح قاتله : (قد قتلت محمداً) ، فتفرق المسلمون واشتد الكرب عليهم .
عندها أحاط المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جانب وعزموا على قتله .
فكان صلى الله عليه وسلم يواجه الموت وليس حوله من المسلمين إلا تسعة أبطال قدم سبعة منهم أرواحهم فداءً للنبي صلى الله عليه وسلم ، ليتبقى عند النبي مدافعان اثنان .
وقف هذان البطلان من أصحاب محمد ؛ يحميان أعظم إنسان عرفته البشرية .
هذان البطلان من العشرة المبشرين بالجنة ، وكانا من الثمانية السابقين إلى الإسلام .
أما الفارس الأول فهو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه . إنه طلحة الخير كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسمي بطلحة الفياض لكرمه وجوده .
قال صلى الله عليه وسلم : (من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله)
[صحيح : الألباني في صحيح الترمذي وفي السلسلة الصحيحة].
فقام طلحة يقاتل ببسالة أمام رهط من فرسان قريش ؛ يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده وروحه .
هناك تتطاير السهام نحوه صلى الله عليه وسلم فيقفز طلحة كالنمر نحو الرسول فيحيط به ويحميه ويتلقى السهام بنفسه ، ثم يرجع مرة أخرى يبارز بسيفه .
وفجأة ينطلق سهم نحو النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة فتلمح عين طلحة هذا السهم ؛ فيسرع كالبرق كي يسبقه فتتلقى يده هذا السهم بدلاً منه صلى الله عليه وسلم ، فشلت هذه اليد المباركة .
عندها نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يد طلحة والدماء تسيل من عروقها فقال له : (لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون) .
هل اكتفى هذا البطل الشهم بما فعل ؟ لقد حاول صلى الله عليه وسلم الصعود إلى جبل أحد كي يكسر الطوق المحكم الذي ضربه المشركون وينادي بالصحابة حتى يجتمعوا إليه .
فعرضت له صخرة من الجبل فأراد أن يعلو عليها فلم يستطع من شدة جراحه .
عندها قام طلحة وأفرد جسده المغطى بالدماء على الأرض ، ليصعد النبي صلى الله عليه وسلم فوقه وهو ينظر إليه بكل فخر واعتزاز ويقول : (أوجب طلحة) أي : وجبت له الجنة !
أما الفارس الآخر فكان الصحابي الجليل رمز البطولة سعد بن أبي وقاص ؛ الحارس الشخصي لمحمد بن عبد الله .
هو أول من رمى سهماً في سبيل الله ، وهو خال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان صلى الله عليه وسلم يعتز بسعد ويقول : (هذا خالي ، فليرني امرؤ خاله) [الألباني : صحيح الجامع عن جابر عبد الله].
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو لسعد : (اللهم أجب دعوته وسدد رميته) ، فكان سعد إذا دعا أتت الإجابة من السماء كفلق الصبح ، وكان إذا رمى لا تخطئ رميته البتة .
وتناول سعد قوسه ليصوب ناظريه على الجنود القادمين . فأخذ يرمي بسهامه كل من سولت له نفسه الاقتراب من حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم .
ورسول الله يناوله السهام بيديه الطاهرتين وينظر إلى ضرباته ويضحك من دقة إصاباتها ويقول له : (ارم سعد ، فداك أبي وأمي) .
لقد حمى هذان البطلان رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يبلغ دعوة الله وحتى تصل هذه الرسالة إلي وإليك ، ووقفا دون وقوع أكبر جريمة في تاريخ الإنسانية ، فجزاهما الله خيراً عن الإسلام والمسلمين ، وجمعنا الله بهما في جنته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق