الثلاثاء، 6 يونيو 2017

12 رمضان 1438 هـ - المثنى بن حارثة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتقي مع القبائل التي تأتي إلى الحج يطلب منهم حمايته كي يبلغ رسالة الله .
وكان من بين القبائل قبيلة اسمها بني شيبان ، فتلا عليهم صلى الله عليه وسلم آيات من القرآن الكريم .
كان من بينهم شيخ بني شيبان وصاحب حربها ؛ المثنى بن حارثة الشيباني . فقال المثنى : (قد سمعت مقالتك ، واستحسنت قولك يا أخا قريش) .
(إنا نزلنا بين صيرين ، أما أحدهما فأرض العرب ، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى) . فقبيلة بني شيبان تسكن حدود العراق بين جزيرة العرب ودولة فارس .
ثم قال : (وإنا نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثاً ولا نؤوي محدثاً ، ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك . فإن أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي العرب فعلنا) .
قال صلى الله عليه وسلم : (ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق ؛ إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه) .
ثم قال : (أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم ، أتسبحون الله وتقدسونه ؟) .
كادت قبيلة بني شيبان أن تنال لقب الأنصار ، فقد وافق المثنى أن يدافع عنه صلى الله عليه وسلم ضد كل العرب ؛ لكن كان عليهم عهد عند دولة فارس .
ومضت الأيام وعقد صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع قريش سنة 6 للهجرة ، فبدأ يراسل الملوك ، وكان ممن أرسل له كسرى فارس .
فاستقبل كسرى رسالة النبي بكل تكبر ثم مزق الرسالة وقال : (عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي) . ولما بلغ ذلك حبيبنا صلى الله عليه وسلم قال : (مزق الله ملكه) .
دخل الإيمان في قلب المثنى وأسلم مع قومه في سنة 9 للهجرة . وبعد إسلامه مباشرة قام يغزو مع فرسان قبيلته إمبراطورية فارس الكبرى فكان أول من قاتل الفرس من المسلمين .
واصل المثنى الانتصارات في العراق ، وخاض عدة معارك أشهرها معركة بابل ، وفيها أرسل كسرى فارس شهربراز بن أردشير كتاباً أراد به كعادة الفرس احتقار العرب ، جاء فيه :
(إني قد بعثت إليكم جنداً من وحش أهل فارس ، إنما هم رعاء الدجاج والخنازير ، ولست أقاتلك إلا بهم) .
فكتب إليه أسد العراق المثنى رسالة تفيض منها روح العزة الإسلامية :
(من المثنى بن حارثة الشيباني إلى شهربراز بن أردشير ، إنما أنت أحد رجلين ؛ إما باغ فذلك شر لك وخير لنا ، وإما كاذب فأعظم الكاذبين فضيحة عند الله وفي الناس الملوك ، وأما الذي يدلنا عليه الرأي فإنكم إنما اضطررتم إليهم ، فالحمد لله الذي رد كيدكم إلى رعاة الدجاج والخنازير) .
فجزع أهل فارس من هذا الكتاب وكيف استهزأ بهم وأن انتهى أمر امبراطورية فارس العظيمة التي يعمل لها ألف حساب إلى رعاة الدجاج والخنازير .
ولجأ الفرس في المعركة إلى فيل ضخم ، فأحدث اضطراباً في صفوف المسلمين وتفرقت الخيول التي كانت تخاف من الفيلة بطبيعتها .
فجأة لاحظ المسلمون فارساً يقتحم صفوف الفرس متجهاً نحو ذلك الفيل .
إنه هو القائد المثنى بن حارثة يتقدم بنفسه نحو الفيل العملاق ليطعنه طعنة أطاحت به أرضاً ، فتدافع الفرس يريدون الفرار من أرض المعركة ، فلحق المسلمون بهم وتحقق النصر الكبير .
وتتابعت الانتصارات وحقق المثنى انتصاراً عظيماً في معركة البويب الباسلة . واستشهد المثنى بعد أن اشتد به جرح عميق كان قد أصيب به ، وبعد أن شاهد نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم تتحقق وأن الله سيورثهم أرض فارس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق