أكملت الدولة الأموية مسيرة الخلفاء الراشدين في نشر الإسلام في شمال إفريقيا . وكانت أرض الجزائر المركز الذي انطلقت منه الجيوش لفتح بقية الدول الإفريقية .
وأنجبت هذه الأرض المباركة بطلاً لا يزال اسمه محفوظاً وإلى يومنا هذا في أرض قارة أوروبا ؛ إنه الفارس المسلم طارق بن زياد .
أسلم طارق بن زياد على يد أمير المغرب موسى بن نصير ، وتعلم القراءة وتفقه في الدين وحفظ سوراً من القرآن الكريم .
برزت براعته وشجاعته الفائقة في القتال ، فولاه موسى بن نصير قيادة جيشه ليكمل مسيرة الفتوحات الإسلامية ، فوصل حتى مدينة طنجة أقصى المحيط الأطلسي ، وانتشر الإسلام في أرض المغرب .
ثم جاء أمر الخليفة بفتح الأندلس ، فانطلق القائد طارق بن زياد مع فرسان المغرب الأبطال وعبر معهم المضيق الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ، فحمل هذا المضيق اسمه منذ أن عبره حتى الآن .
ثم نزل في الموضع الذي لا يزال معروفاً إلى اليوم وحتى في اللغة الإسبانية بجبل طارق .
ثم تقابل جيش طارق مع حامية مملكة القوط الغربيين التي كانت تسيطر على شبه جزيرة أيبيربا والتي تكون الآن دولتي اسبانيا والبرتغال .
فعرض عليهم الدخول في الإسلام أو الجزية أو القتال ، فأبت تلك الحامية إلا القتال . فألحق طارق بهم هزيمة ساحقة وهرب قائد الحامية .
وتعجب قائد الحامية من أمر هؤلاء المسلمين فقد كانوا يقاتلون كالأسود المفترسة في الصباح ، ثم يقضون ليلهم يصلون لربهم ركعاً سجداً ؛ يقرؤون كتاباً تسيل دموعهم وهم يتلونه .
هذا ما دفعه لأن يرسل رسالة عاجلة إلى ملك القوط في طليطلة كتب فيها جملة واحدة : (أدركنا يا لذريق ؛ فإنه قد نزل علينا قوم لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء ؟) .
فجن جنون لذريق وانطلق بجيش قوامه 100 ألف فارس مجهزين بأحدث الأسلحة وأمرهم أن يجلبوا معهم حبالاً كثيرة لربط المسلمين بعد أن يهزمهم .
فتقابل مع جيش طارق المكون من 12 ألف مقاتل مسلم فقط في منطقة تسمى وادي برباط في 28 رمضان سنة 92 للهجرة .
ودارت معركة من أشرس المعارك في لقاء غير متكافئ من حيث العدد والعدة ، وعلى مدى ثمانية أيام متصلة فيها عيد الفطر ، انتهت بنصر مؤزر للمسلمين .
وانطلق طارق يفتح المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى دون قتال بعد ما سمع شعب الأندلس عن سماحة الحكم الإسلامي .
كان موسى بن نصير يتابع سير الجيش الإسلامي بقيادة القائد طارق في الأندلس ، فعبر موسى إلى الأندلس مع 18 ألف جندي وسار في غير الطريق الذي سلكه طارق بن زياد ليفتح بلادًا جديدة .
فسار كل منهما في ناحية حتى أتما فتح الأندلس ، وانتشر الإسلام في رحاب أرض الأندلس .
وطويت صفحة الظلم والجهل ، وبدأت صفحة جديدة من صفحات الرقي والتحضر ، وأسس المسلمون خلال تلك الفترة حضارة عظيمة في البلاد الأندلسية حتى غدت منارة أوروبا .
كان طارق وفياً في عهوده التي أعطاها للناس ، وبلغ من رحمته أنه أعاد للأمراء أملاكهم التي كانت لهم .
وكان لطارق فضل لا ينسى على اليهود ، فقد أصدر القوط أمراً بتنصير كل أبناء اليهود ، وأمروا بمصادرة أملاكهم ، فكان فتحه للأندلس إنقاذاً لهم وأعطى لهم الأمان .
لقد كان طارق بن زياد على يقين من نصر الله حتى في أحرج الأوقات ، واستطاع بفضل الله أن يوصل رسالة الإسلام إلى شعب الأندلس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق