في جنوب الأردن وبالتحديد في بلدة مؤتة ، وقعت في السنة الثامنة من الهجرة معركة كان في الطرف الأول 3000 مقاتل مسلم يقابلهم في الطرف الثاني 200,000 مقاتل من الروم .
وقف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أمام هذا الجيش الكبير بعدته وعتاده . هي أول حرب يخوضها الصحابة خارج جزيرة العرب .
فحمل الراية زيد بن حارثة فقاتل حتى استشهد ، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فقاتل حتى استشهد ، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى استشهد .
وبعد استشهاد القادة الثلاثة اختار المسلمون خالداً بن الوليد قائداً لهم .
ومع هذه المجموعة المحاصرة من العرب والتي لا تكاد ترى من كثرة الروم حولهم فتح الله على المسلمين وتحقق النصر لهم بخطة ذكية من إعداد القائد الفذ خالد بن الوليد .
فمع حلول عتمة الليل جعل الخيل تجري في أرض المعركة لتثير سحابة من الغبار الكثيف ، الأمر الذي جعل الرومان يعتقدون أن هناك مدداً جاء لجيش المسلمين .
ثم غير خالد ترتيب الجيش فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة ، واستبدل المقدمة بالمؤخرة والمؤخرة بالمقدمة .
ثم جعل مجموعة من الجنود فوق أحد التلال ليس لهم شغل إلا إثارة الغبار والتكبير بصوت عال .
وفي الصباح رأى الرومان أن الوجوه قد تغيرت ، وبدأ خالد بالتراجع تدريجياً إلى عمق الصحراء ، فظن الرومان أنه يستدرجهم إلى كمين في الصحراء .
فقذف الله الرعب في قلوبهم وهبطت معنوياتهم تماماً ، ووقفوا على أرض مؤتة يشاهدون انسحاب خالد دون أن يجرؤا على مهاجمته أو متابعته .
هذه الخطة الخالدية تدرس الآن في الكليات العسكرية في كل أنحاء العالم ، فقد اعتبرت في منظار الحروب العسكرية معجزة من المعجزات ، وتعجب الروم كيف واجههم بها رجل من العرب .
والعجيب في الأمر أن عدد شهداء المسلمين في هذه المعركة كان 12 شهيداً فقط .
بينما يكفي لتقدر ضخامة عدد ضحايا الروم أن تعلم أن 9 أسياف قد انكسرت في يدي البطل خالد بن الوليد وحده .
ومن الأردن إلى نجد وبالتحديد إلى اليمامة ، أمّر الصديق خالداً على قتال المرتدين ، فواجه خالد بجيشه مسيلمة الكذاب مدعي النبوة .
فنادى خالد بالمسلمين قائلاً : يَا مُحَمَّدَاه ، وقاد معركة عنيفة مع المرتدين انتهت بانتصار المسلمين .
ومن نجد إلى العراق فيشتبك خالد مع الإمبراطورية الفارسية في 15 معركة كانت كلها انتصارات للمسلمين ، وكان من أعظمها معركة ذات السلاسل التي ربط فيها الفرس جنودهم بالسلاسل كي لا يهربوا خوفاً من مجاهدي العرب .
ثم يتجه إلى الشام ، وتظهر براعة هذا البطل في معركة اليرموك ورسم خطة لاستدراج الروم بعيداً عن مواقعهم ويتحقق النصر للمسلمين .
قدم خالد سلسلة من العمليات العسكرية المخططة والناجحة والتي استخدمت فيها الاستراتيجية بدلاً من القوة . فسطع فجر الإسلام بفتح بلاد العراق والشام ودق نعش فارس أولاً ، ثم من بعدها الروم .
خالد بن الوليد هو من قاتل المسلمين في الخندق وهو سبب هزيمتهم في أحد ، ولما أسلم تحول من أكبر حاقد عليه إلى سيف من سيوف الله ينشر راية التوحيد في سائر الأرض .
كان قائداً عسكرياً عبقرياً من الطراز الأول ، وخاض ما يقرب من مائة معركة أمام قوات متفوقة عددياً ولم يهزم ولو في معركة حربية واحدة .
قال صلى الله عليه وسلم : (نعم عبد الله خالد بن الوليد ؛ سيف من سيوف الله) [صحيح الترمذي عن أبي هريرة].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق