السبت، 24 يونيو 2017
الحلقة 30 - عبد الرحمن السميط
إدخال السعادة في قلوب الآخرين وتفريج همهم وتقديم العون لهم دون انتظار أي مقابل ؛ هي حياة الدكتور عبد الرحمن السميط .
ولد في أرض الكويت عام 1947 م ، وكان محباً للفقراء وآوياً للبسطاء منذ صغره .
كان يرى العمال البسطاء ينتظرون المواصلات طويلاً تحت أشعة الشمس ، فجمع مع زملائه في المرحلة الثانوية مبلغاً من المال من
مصروفهم اليومي ثم اشتروا سيارة فصار ينقل هؤلاء العمال مجاناً .
أتم عبد الرحمن بكالوريس الطب والجراحة في جامعة بغداد ، ثم استكمل دراسته العليا في بريطانيا وكندا وتخصص في الأمراض
الباطنية والجهاز الهضمي . ثم قرر العودة إلى بلده الكويت ليعمل فيها طبيباً .
وكان محباً لعمل الخير ، وشاء الله له أن يسافر إلى إفريقيا كي يبني مسجداً هناك بناءً على طلب إحدى المحسنات . وكان هدفه أن يسافر
لبناء المسجد ثم يعود إلى الكويت . لكن الله أراد له شيئاً آخر .
لقد وجد مسلمين لا يعلمون عن الإسلام إلا اسمه ، لا يعرفون كيفية الوضوء ، بل وجد أئمة لا يجيدون قراءة الفاتحة .
ورأى ملايين البشر يقتلهم الجوع والفقر والمرض والجهل .
فأشغل باله هذا الأمر وفكر كثيراً ثم اتخذ القرار الحاسم .
بدأ السميط من الصفر فترك أرض الكويت وتخلى عن الدنيا وزينتها وحياة الترف ، ليرحل ويستقر في القارة السمراء مع زوجته أم
صهيب التي تبرعت بجميع إرثها لصالح العمل الخيري ؛ يعيشان بين القبائل الإفريقية في القرى والغابات في سبيل الدعوة إلى الله
ومساعدة الناس .
أخذ يعين الناس ويخدم الفقراء ، يداوي المرضى ، يرعى المساكين ، يمسح دمعة اليتيم .
يوزع الأغذية والأدوية والملابس ، يوزع المصاحف ، يحفر الآبار ، يبني المساجد ودور الأيتام والمستشفيات .
ونادراً ما كان يقدم المال للفقراء ، بل كان يوفر لهم وظيفة يتكسبون منها وتدر عليهم دخلاً ؛ كفتح بقالات أو تقديم مكائن خياطة .
وصار يتنقل بين أربعين دولة في إفريقيا ، يسير في طرقات وعرة وغابات مظلمة ، ويركب في قوارب صغيرة يقطع أنهار إفريقيا .
يعيش في مناطق نائية تنعدم فيها الكهرباء والمياه النقية وكان يعطش لساعات طويلة لا يجد فيها شربة ماء ، كل ذلك في سبيل إلى الله عز
وجل .
وكان يحب الأيتام فيجلس معهم ويتبسم في وجوههم ، ويمر كل مساء على حلقاتهم يطمئن على حفظهم للقرآن .
وتكفل بتعليمهم وعلى نفقته حتى صاروا أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين بل وسفراء دول .
ظل يدعو إلى الإسلام ويساعد الناس في إفريقيا ما يقرب من 30 عاماً ، وتعرض خلالها إلى أزمات قلبية استوجبت نقله إلى الكويت
ليتلقى العلاج .
وانتقل إلى رحمة الله الدكتور عبد الرحمن السميط في سنة 2013 م بعد مسيرة حافلة بالدعوة إلى الله ، كان أكبر ثمارها إسلام 11
مليون إنسان إفريقي .
الجمعة، 23 يونيو 2017
29 رمضان 1438 هـ - محمد علي كلاي
في عام 1967 م ، أعلن التحدي الكبير بين بطل رابطة الملاكمة العالمية إيرني تيريل والملاكم محمد علي كلاي .
رفض البطل تيريل أن ينادي خصمه باسم (محمد علي) ، وقام يستفزه ويناديه في وسائل الإعلام باسمه القديم (كاسياس) ، بل إنه غنى أغنية قال له فيها : أليس من العيب أنك غيرت اسمك ؟ لذا سوف أغير أنا ملامح وجهك !
كان تيريل ملاكم قوي ضخم الحجم لم يهزم على مدار 5 سنوات .
عندها قال له محمد علي : سأجعلك تنطق اسمي الحقيقي داخل الحلبة !
وبالفعل ألحق البطل المسلم محمد علي بخصمه هزيمة ساحقة ، وظل طول اللقاء يوجه له اللكمات ويقول له : ما هو اسمي ؟ ما هو اسمي ؟
وخسر تيريل اللقب ، وفاز البطل بتلك المباراة وصار الجميع يحترم اسم البطل الجديد وإلى اليوم ينادونه باسم : محمد علي كلاي .
لم تمنعه نجوميته وبطولاته أن يخفي نبأ إسلامه ؛ بل كان خير مثال للمؤمن القوي الذي صدع بالحق وتكلم بالإسلام في أماكن لا يستمع فيها إلى صوت الإسلام .
كان يفتخر بإسلامه في كل مكان ويستغل مقابلاته التلفزيونية وأمام جمهور معظمه من غير المسلمين في الدعوة إلى الله .
لقد كان إسلامه سبباً لشهرته أكثر وقبوله بين الناس ، وكان للداعية الشهير مالكوم إكس أثراً كبيراً في جذب محمد إلى دين الإسلام .
وسئل مرة في إحدى المقابلات : لعل أسعد لحظات عمرك هي تلك اللحظة التي انتصرت فيها على خصمك ؟ قال : لا ، إن أسعد لحظات عمري يوم عرفت الله ودخلت دين محمد رسول الله .
وفي قمة انتصاراته ، تم سحب لقب الملاكمة منه ، وذلك بسبب رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية في الجيش الأمريكي أثناء حرب فيتنام اعتراضاً منه على الحرب .
وقال حينها : (هذه الحرب ضد تعاليم القرآن ، وإننا كمسلمين ليس من المفترض أن نخوض حروباً إلا إذا كانت في سبيل الله) .
حقق محمد علي الميدالية الذهبية الأولمبية للملاكمة في الوزن الثقيل ، ويعد الملاكم الوحيد الذي فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات ، وتوج بلقب «رياضي القرن» .
وقد اعتزل الملاكمة في عام 1981 م بعد أن خاض 61 نزال ، فاز بـ 56 منها ، وأنهى 37 منها بالضربة القاضية .
ثم كرس نفسه لخدمة الإسلام والمساهمة في نشره . فكان يدعو إلى الله ، وقضى جزءاً كبيراً من وقته في الأعمال الخيرية وسافر إلى بلدان كثيرة لتقديم المساعدات للفقراء والمساكين .
وفي عام 2002 م تم تكريم الملاكم البطل بوضع نجمة له في ممر المشاهير في هوليوود ، لكنها لم تكن كبقية النجوم الأخرى .
فقد رفض محمد علي أن يتم وضع اسمه على الأرض ، ولم يرضى أن يطأ الناس بأقدامهم على اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم .فأصبحت نجمته هي النجمة الوحيدة التي وضعت على الحائط من بين 2500 نجمة .
سأله المذيع مرة : هل عندك حارس شخصي ؟ قال : نعم ، عندي من يحرسني ، وهو الله .
وكان الملاكم يعاني من مرض تنفسي ضاعفت آثاره إصابته بمتلازمة الشلل الرعاش مرض باركنسون .
وفي عام 2016 م انتقل إلى رحمة الله تعالى البطل الذي هز العالم بانتصاراته وبطولاته وبإسلامه .
رفض البطل تيريل أن ينادي خصمه باسم (محمد علي) ، وقام يستفزه ويناديه في وسائل الإعلام باسمه القديم (كاسياس) ، بل إنه غنى أغنية قال له فيها : أليس من العيب أنك غيرت اسمك ؟ لذا سوف أغير أنا ملامح وجهك !
كان تيريل ملاكم قوي ضخم الحجم لم يهزم على مدار 5 سنوات .
عندها قال له محمد علي : سأجعلك تنطق اسمي الحقيقي داخل الحلبة !
وبالفعل ألحق البطل المسلم محمد علي بخصمه هزيمة ساحقة ، وظل طول اللقاء يوجه له اللكمات ويقول له : ما هو اسمي ؟ ما هو اسمي ؟
وخسر تيريل اللقب ، وفاز البطل بتلك المباراة وصار الجميع يحترم اسم البطل الجديد وإلى اليوم ينادونه باسم : محمد علي كلاي .
لم تمنعه نجوميته وبطولاته أن يخفي نبأ إسلامه ؛ بل كان خير مثال للمؤمن القوي الذي صدع بالحق وتكلم بالإسلام في أماكن لا يستمع فيها إلى صوت الإسلام .
كان يفتخر بإسلامه في كل مكان ويستغل مقابلاته التلفزيونية وأمام جمهور معظمه من غير المسلمين في الدعوة إلى الله .
لقد كان إسلامه سبباً لشهرته أكثر وقبوله بين الناس ، وكان للداعية الشهير مالكوم إكس أثراً كبيراً في جذب محمد إلى دين الإسلام .
وسئل مرة في إحدى المقابلات : لعل أسعد لحظات عمرك هي تلك اللحظة التي انتصرت فيها على خصمك ؟ قال : لا ، إن أسعد لحظات عمري يوم عرفت الله ودخلت دين محمد رسول الله .
وفي قمة انتصاراته ، تم سحب لقب الملاكمة منه ، وذلك بسبب رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية في الجيش الأمريكي أثناء حرب فيتنام اعتراضاً منه على الحرب .
وقال حينها : (هذه الحرب ضد تعاليم القرآن ، وإننا كمسلمين ليس من المفترض أن نخوض حروباً إلا إذا كانت في سبيل الله) .
حقق محمد علي الميدالية الذهبية الأولمبية للملاكمة في الوزن الثقيل ، ويعد الملاكم الوحيد الذي فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات ، وتوج بلقب «رياضي القرن» .
وقد اعتزل الملاكمة في عام 1981 م بعد أن خاض 61 نزال ، فاز بـ 56 منها ، وأنهى 37 منها بالضربة القاضية .
ثم كرس نفسه لخدمة الإسلام والمساهمة في نشره . فكان يدعو إلى الله ، وقضى جزءاً كبيراً من وقته في الأعمال الخيرية وسافر إلى بلدان كثيرة لتقديم المساعدات للفقراء والمساكين .
وفي عام 2002 م تم تكريم الملاكم البطل بوضع نجمة له في ممر المشاهير في هوليوود ، لكنها لم تكن كبقية النجوم الأخرى .
فقد رفض محمد علي أن يتم وضع اسمه على الأرض ، ولم يرضى أن يطأ الناس بأقدامهم على اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم .فأصبحت نجمته هي النجمة الوحيدة التي وضعت على الحائط من بين 2500 نجمة .
سأله المذيع مرة : هل عندك حارس شخصي ؟ قال : نعم ، عندي من يحرسني ، وهو الله .
وكان الملاكم يعاني من مرض تنفسي ضاعفت آثاره إصابته بمتلازمة الشلل الرعاش مرض باركنسون .
وفي عام 2016 م انتقل إلى رحمة الله تعالى البطل الذي هز العالم بانتصاراته وبطولاته وبإسلامه .
الخميس، 22 يونيو 2017
28 رمضان 1438 هـ - أحمد ديدات
بعد أن فشلت الحملات العسكرية الصليبية في إنهاء مهمتها والمتمثلة في القضاء على الإسلام ، اتبع أصحابها أسلوباً مختلفاً لمواجهة المسلمين .
ظهرت الحركات التنصيرية والتي تهدف إلى نشر النصرانية عن طريق إثارة الشبهات حول دين الإسلام .
وكان هدفهم الرئيس هو الشاب المسلم الذي لا يعلم كثيراً عن دينه ، فيصبح هذا الشاب في حيرة من أمره قد تفضي به إلى الردة عن الإسلام أو إلى الإلحاد والعياذ بالله .
وقصدت إحدى هذه البعثات التنصيرية شاب مسلم من أصل هندي كان يعمل في دكان والده لبيع الملح في دولة جنوب إفريقيا .
فلما جاؤه انهالوا عليه بعدد من الأسئلة مثل : نشر محمد دينه بحد السيف ، محمد له العديد من الزوجات .
لم يتمكن الشاب من الإجابة عن أي سؤال ، فهو بالكاد يعرف أن محمداً هو اسم نبيه .
وكان يشعر بالحزن حين يراهم يتطاولون على الإسلام ولا يستطيع أن يرد عليهم ويدافع عن نبيه صلى الله عليه وسلم . فأدرك أن سبب عجزه عن الإجابة ينبع عن جهله ، وأيقن أنه بالقراءة والدراسة سيتمكن من مواجهة هؤلاء المغرضين .
من هذا الفتى ؟
إنه الشيخ أحمد ديدات رحمه الله .
بدأ الشيخ يقرأ كل شيء يراه أمامه ، فأخذ يدرس عن القرآن وتعاليم الإسلام ، ويقرأ الأناجيل بمختلف طبعاتها . وأصبح قارئاً نهماً ؛ يبحث في كل مكان عن الكتب حتى في المخازن القديمة المليئة بالقوارض والحشرات .
إلى أن وقع ذات يوم في يده كتاب اسمه (إظهار الحق) للشيخ العلامة رحمت الله الهندي ، الذي أسرد فيه ردوداً على الحملات التبشيرية في الهند ويشرح للمسلمين سبل مواجهتهم وطريقة جدالهم .
فقرأ الشيخ ذلك الكتاب بتمعن كاملاً حتى حفظه ، وعندها بدأت مرحلة الهجوم المضاد .
صار الشيخ ينتظر أولئك المنصرين في دكان الملح انتظاراً ليرد على أسئلتهم ، فأفحمهم بإجاباته وأسكتهم بالحجة مستعيناً بما يحفظه من كتبهم ، فامتنعوا من المجيئ إلى الدكان خوفاً من مواجهته .
وبدأت رحلة الشيخ على ضوء القرآن والسنة في الرد على الشبهات وتفنيد الاتهامات المنسوبة للإسلام .
وعقد العديد من المناظرات مع القساوسة في مقارنة الأديان ، متبعاً أسلوب الحوار العلمي وطلب الحجة والبرهان والدليل من كتبهم المحرفة ؛ ويسير على المنهج القرآني : (وجادلهم بالتي هي أحسن) .
وأصبح يتنقل من بلد إلى آخر لعقد المناظرات الدينية مع كبار علماء الإنجيل في أوروبا وأمريكا وإفريقيا . فرفع الله به الإسلام ودخل الألوف من الحيارى في دين الله أفواجًا .
وذاع صيت هذا الشيخ في جميع أنحاء الدنيا وصار الناس يتناقلون قصص الشيخ الذي يحفظ أرقام آيات القرآن ، وأرقام صفحات الكتاب المقدس عن ظهر قلب .
وأنشأ الشيخ ديدات معهد السلام بجنوب إفريقيا لتوعية المسلمين وبناء جيل قادر على مواجهة حملات المنصرين .
وفي إبريل عام 1996 م وبعد عودته من استراليا ، أصيب الشيخ بجلطة في الدماغ فنصحه الأطباء بالراحة وعدم السفر ، واشتد عليه المرض نتيجة لحبه لدعوته وكثرة سفره هنا وهناك .
وظل الشيخ يدافع عن الإسلام وهو على فراش المرض إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى في عام 2005 م .
ظهرت الحركات التنصيرية والتي تهدف إلى نشر النصرانية عن طريق إثارة الشبهات حول دين الإسلام .
وكان هدفهم الرئيس هو الشاب المسلم الذي لا يعلم كثيراً عن دينه ، فيصبح هذا الشاب في حيرة من أمره قد تفضي به إلى الردة عن الإسلام أو إلى الإلحاد والعياذ بالله .
وقصدت إحدى هذه البعثات التنصيرية شاب مسلم من أصل هندي كان يعمل في دكان والده لبيع الملح في دولة جنوب إفريقيا .
فلما جاؤه انهالوا عليه بعدد من الأسئلة مثل : نشر محمد دينه بحد السيف ، محمد له العديد من الزوجات .
لم يتمكن الشاب من الإجابة عن أي سؤال ، فهو بالكاد يعرف أن محمداً هو اسم نبيه .
وكان يشعر بالحزن حين يراهم يتطاولون على الإسلام ولا يستطيع أن يرد عليهم ويدافع عن نبيه صلى الله عليه وسلم . فأدرك أن سبب عجزه عن الإجابة ينبع عن جهله ، وأيقن أنه بالقراءة والدراسة سيتمكن من مواجهة هؤلاء المغرضين .
من هذا الفتى ؟
إنه الشيخ أحمد ديدات رحمه الله .
بدأ الشيخ يقرأ كل شيء يراه أمامه ، فأخذ يدرس عن القرآن وتعاليم الإسلام ، ويقرأ الأناجيل بمختلف طبعاتها . وأصبح قارئاً نهماً ؛ يبحث في كل مكان عن الكتب حتى في المخازن القديمة المليئة بالقوارض والحشرات .
إلى أن وقع ذات يوم في يده كتاب اسمه (إظهار الحق) للشيخ العلامة رحمت الله الهندي ، الذي أسرد فيه ردوداً على الحملات التبشيرية في الهند ويشرح للمسلمين سبل مواجهتهم وطريقة جدالهم .
فقرأ الشيخ ذلك الكتاب بتمعن كاملاً حتى حفظه ، وعندها بدأت مرحلة الهجوم المضاد .
صار الشيخ ينتظر أولئك المنصرين في دكان الملح انتظاراً ليرد على أسئلتهم ، فأفحمهم بإجاباته وأسكتهم بالحجة مستعيناً بما يحفظه من كتبهم ، فامتنعوا من المجيئ إلى الدكان خوفاً من مواجهته .
وبدأت رحلة الشيخ على ضوء القرآن والسنة في الرد على الشبهات وتفنيد الاتهامات المنسوبة للإسلام .
وعقد العديد من المناظرات مع القساوسة في مقارنة الأديان ، متبعاً أسلوب الحوار العلمي وطلب الحجة والبرهان والدليل من كتبهم المحرفة ؛ ويسير على المنهج القرآني : (وجادلهم بالتي هي أحسن) .
وأصبح يتنقل من بلد إلى آخر لعقد المناظرات الدينية مع كبار علماء الإنجيل في أوروبا وأمريكا وإفريقيا . فرفع الله به الإسلام ودخل الألوف من الحيارى في دين الله أفواجًا .
وذاع صيت هذا الشيخ في جميع أنحاء الدنيا وصار الناس يتناقلون قصص الشيخ الذي يحفظ أرقام آيات القرآن ، وأرقام صفحات الكتاب المقدس عن ظهر قلب .
وأنشأ الشيخ ديدات معهد السلام بجنوب إفريقيا لتوعية المسلمين وبناء جيل قادر على مواجهة حملات المنصرين .
وفي إبريل عام 1996 م وبعد عودته من استراليا ، أصيب الشيخ بجلطة في الدماغ فنصحه الأطباء بالراحة وعدم السفر ، واشتد عليه المرض نتيجة لحبه لدعوته وكثرة سفره هنا وهناك .
وظل الشيخ يدافع عن الإسلام وهو على فراش المرض إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى في عام 2005 م .
الأربعاء، 21 يونيو 2017
27 رمضان 1438 هـ - الألباني
ما أجمل أن يقضي الإنسان عمره مع النبي صلى الله عليه وسلم ، يعيش مع حديث رسول الله ؛ يتأمل في أقواله ، وينظر في أفعاله ، كي يطبقها في حياته ، وهذا ما دأب عليه الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .
لقد نذر الألباني حياته في مراجعة أحاديث رسول الله والتحقق من صحة كل حديث في زمن انصرف طلبة العلم عن علم الحديث ، حتى إن والده لم يحبذ انشغاله بالحديث وقال له : (علم الحديث صنعة المفاليس) .
ولد الشيخ في ألبانيا سنة (1333 هـ) الموافق (1914 م) ثم انتقل مع عائلته إلى دمشق .
لم يكن يجيد اللغة العربية لكنه سرعان ما تعلمها بل وتفوق على زملائه . حفظ القرآن الكريم على يد والده الذي كان عالماً كبيراً من علماء ألبانيا ، وقام بتعليمه علوم الفقه والتجويد والنحو والصرف .
وكان الألباني يحب القراءة ، فكان يذهب إلى الباعة في الطرقات كي يتصفح المجلات وقصص المغامرات .
وفي يوم لاحظ من بين الكتب المعروضة مجلة اسمها المنار فأخذ يطلع عليها ، فوجد فيها بحثاً للشيخ محمد رشيد رضا ذكر فيه : أن لشيخ الحديث الحافظ العراقي كتاباً يوضح فيه الأحاديث الصحيحة والضعيفة في كتاب إحياء علوم الدين .
فذهب الألباني إلى المكتبة ولما وجد هذا الكتاب قام بنسخه كاملاً وهو لم يتجاوز العشرين من عمره .
فأحب علم الحديث وبدأ يعكف على قراءة الكتب فصار لا يهدأ من البحث والمطالعة ؛ حباً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كان يجلس في مكتبة الظاهرية بدمشق 12 ساعة ؛ يأتي بحديث حديث فيدرسه دراسة دقيقة ويراجع سنده كاملاً إلى رسول الله ، فينقح الصحيح من الضعيف .
ومن شغفه بالحديث كان أهله يسمعونه وهو نائم يقول : هات كتاب الجرح والتعديل .. جزء كذا .. صفحة كذا ..
وكان الشيخ لا يتأخر عن مساعدة الناس . فتوسط مرة لرجل في إحدى الشركات ، فجلب له هدية تنكة زيتون فقال : لا يحل لنا أكلها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شفع شفاعةً لأحد فأهدى له هدية عليها فقبلها ، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا) .
[صحيح : الألباني عن أبي أمامة الباهلي].
وجاءته يوماً امرأة تبكي وتخبره أنها وزوجها اقترضا من البنك مبلغاً من المال فتضاعف عليها المبلغ من الربا ، وتوفي زوجها .
فأخذ الشيخ يتحرى ولما تأكد من صدقها جمع المال ثم قال : هذه ألف دينار هدية ، وهذا المبلغ المطلوب . ففرحت وأخذت تدعو للشيخ .
قضى الألباني أكثر من ستين عاماً مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام بإحياء الكثير من السنن التي هجرها الناس .
كان مما جاء في وصيته : أوصي زوجتي وأولادي وأصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعو لي بالمغفرة والرحمة وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع . وأن يعجلوا بدفني في أقرب مكان ، لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السيارة وبالتالي يركب المشيعون سياراتهم .
وتوفي الألباني رحمه الله في سنة (1420 هـ) الموافق (1999 م) . وكانت وفاته قبيل المغرب فتم تجهيز جنازته والإسراع بها كما أوصى ، ودفن بعد صلاة العشاء .
لقد نذر الألباني حياته في مراجعة أحاديث رسول الله والتحقق من صحة كل حديث في زمن انصرف طلبة العلم عن علم الحديث ، حتى إن والده لم يحبذ انشغاله بالحديث وقال له : (علم الحديث صنعة المفاليس) .
ولد الشيخ في ألبانيا سنة (1333 هـ) الموافق (1914 م) ثم انتقل مع عائلته إلى دمشق .
لم يكن يجيد اللغة العربية لكنه سرعان ما تعلمها بل وتفوق على زملائه . حفظ القرآن الكريم على يد والده الذي كان عالماً كبيراً من علماء ألبانيا ، وقام بتعليمه علوم الفقه والتجويد والنحو والصرف .
وكان الألباني يحب القراءة ، فكان يذهب إلى الباعة في الطرقات كي يتصفح المجلات وقصص المغامرات .
وفي يوم لاحظ من بين الكتب المعروضة مجلة اسمها المنار فأخذ يطلع عليها ، فوجد فيها بحثاً للشيخ محمد رشيد رضا ذكر فيه : أن لشيخ الحديث الحافظ العراقي كتاباً يوضح فيه الأحاديث الصحيحة والضعيفة في كتاب إحياء علوم الدين .
فذهب الألباني إلى المكتبة ولما وجد هذا الكتاب قام بنسخه كاملاً وهو لم يتجاوز العشرين من عمره .
فأحب علم الحديث وبدأ يعكف على قراءة الكتب فصار لا يهدأ من البحث والمطالعة ؛ حباً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كان يجلس في مكتبة الظاهرية بدمشق 12 ساعة ؛ يأتي بحديث حديث فيدرسه دراسة دقيقة ويراجع سنده كاملاً إلى رسول الله ، فينقح الصحيح من الضعيف .
ومن شغفه بالحديث كان أهله يسمعونه وهو نائم يقول : هات كتاب الجرح والتعديل .. جزء كذا .. صفحة كذا ..
وكان الشيخ لا يتأخر عن مساعدة الناس . فتوسط مرة لرجل في إحدى الشركات ، فجلب له هدية تنكة زيتون فقال : لا يحل لنا أكلها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شفع شفاعةً لأحد فأهدى له هدية عليها فقبلها ، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا) .
[صحيح : الألباني عن أبي أمامة الباهلي].
وجاءته يوماً امرأة تبكي وتخبره أنها وزوجها اقترضا من البنك مبلغاً من المال فتضاعف عليها المبلغ من الربا ، وتوفي زوجها .
فأخذ الشيخ يتحرى ولما تأكد من صدقها جمع المال ثم قال : هذه ألف دينار هدية ، وهذا المبلغ المطلوب . ففرحت وأخذت تدعو للشيخ .
قضى الألباني أكثر من ستين عاماً مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام بإحياء الكثير من السنن التي هجرها الناس .
كان مما جاء في وصيته : أوصي زوجتي وأولادي وأصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعو لي بالمغفرة والرحمة وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع . وأن يعجلوا بدفني في أقرب مكان ، لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السيارة وبالتالي يركب المشيعون سياراتهم .
وتوفي الألباني رحمه الله في سنة (1420 هـ) الموافق (1999 م) . وكانت وفاته قبيل المغرب فتم تجهيز جنازته والإسراع بها كما أوصى ، ودفن بعد صلاة العشاء .
الثلاثاء، 20 يونيو 2017
26 رمضان 1438 هـ - سليمان القانوني
أنتج في عام 2011 م مسلسل تركي يشوه سيرة الخليفة سليمان القانوني مصوراً إياه غارقاً في ملذات الدنيا ، وأطلق على هذا المسلسل
اسم (القرن العظيم) .
تم دبلجة حلقاته إلى اللغة العربية ، وغير اسمه من (القرن العظيم) إلى (حريم السلطان) ، ويختصر هذا العنوان حياة البطل العظيم في
مجموعة من النساء والجواري .
سليمان القانوني هو عاشر السلاطين العثمانيين ، أكمل مسيرة والده السلطان سليم الأول في توحيد بلاد المسلمين وإكمال الفتوحات ،
وكان قائداً عسكرياً بارعاً .
وبلغت دولة الإسلام في عهده أقصى اتساع لها ، وكان يحظى باحترام كبير من أعدائه ، حتى أنهم لقبوه بسليمان العظيم Suleiman
the Magnificent
بل إن ملك فرنسا طلب من الخليفة المسلم أن ينقذه من الأسبان الذين احتلوا بلاده ، فحرر المسلمون لفرنسا مدينة نيس ، وهذا ما أدى إلى
تنازل فرنسا عن ميناء طولون برضاها ليصبح قاعدة حربية إسلامية .
ولكي ينتهي هذا الكابوس المسمى بسليمان الذي أرعب ملوك أوروبا ، أعلن بابا الفاتيكان حالة النفير العام في كافة أرجاء قارة أوروبا ،
فتجمع أكبر تحالف عسكري يقودهم ملك المجر .
عسكر الفريقان عند وادي موهاكس ، وقضى السلطان سليمان ليلته يدعو الله أن ينصر الإسلام .
حتى جاء الفجر فصلى الخليفة بالمسلمين ، ثم نظر إلى جيشه وقال : (وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليكم الآن) . عندها
بكى الجنود وعانق بعضهم بعضاً مودعين ؛ يرجون الشهادة في سبيل الله .
وبدأت المعركة الحاسمة وهجم المجريون على الجيش العثماني الذي اصطف على ثلاثة صفوف . فلما تقدم فرسان المجر وهجموا على
المسلمين أمر السلطان سليمان الصف الأول بالانسحاب ، فظن الصليبيون أن المسلمين انهزموا من المعركة بسرعة فاندفعوا إلى الأمام .
وتقدموا كثيراً حتى أتت إشارة السلطان فأطلقت نيران المدافع العثمانية على الجيش المجري الذي دمر تدميراً كاملاً .
وكانت هذه المعركة من المعارك النادرة في التاريخ ، فقد انتهت بانتصار ساحق للمسلمين في تسعين دقيقة فقط هي زمن المعركة .
لم يتوانى السلطان سليمان عن نجدة المسلمين وتلبية طلبات الاستغاثة من كل مكان ، وأمر بتنفيذ عمليات بحرية خطيرة لإنقاذ مسلمي
الأندلس الذين كانوا يتعرضون لأشد أنواع التعذيب من قبل محاكم التفتيش .
ظل السلطان سليمان يقود جيوش المسلمين بنفسه وقد بلغ من العمر 74 عاماً ، فنصحه الأطباء بعدم المشاركة لمرضه الشديد ، فكان
جواب السلطان : (أحب أن أموت غازياً في سبيل الله) .
فحمل الجند الخليفة المسن إلى ميدان المعركة ، ووصلوا إلى حصن يسمى سيكتوار ، فحاصره المسلمون 5 أشهر ، وكان الحصن منيعاً
جداً واشتد الأمر على المسلمين .
إلا أن السلطان المريض أخذ يتضرع إلى الله طالباً منه النصر وهو يقول : (يا رب العالمين ، افتح على عبادك المسلمين وانصرهم
واضرم النار على الكفار) .
فاستجاب الله دعائه فأصابت إحدى القذائف مخزن البارود ، فأضرمت النيران في جميع أرجاء الحصن . فتقدم المسلمون وفتح الحصن
ورفعت راية الإسلام في أعلى القلعة .
ولما وصلت البشرى للسلطان ابتسم ثم قال : (الحمد لله ، الآن طاب الموت) . ثم توقف ذلك الصوت الذي قضى حياته مجاهداً ومحارباً في
سبيل الله .
اسم (القرن العظيم) .
تم دبلجة حلقاته إلى اللغة العربية ، وغير اسمه من (القرن العظيم) إلى (حريم السلطان) ، ويختصر هذا العنوان حياة البطل العظيم في
مجموعة من النساء والجواري .
سليمان القانوني هو عاشر السلاطين العثمانيين ، أكمل مسيرة والده السلطان سليم الأول في توحيد بلاد المسلمين وإكمال الفتوحات ،
وكان قائداً عسكرياً بارعاً .
وبلغت دولة الإسلام في عهده أقصى اتساع لها ، وكان يحظى باحترام كبير من أعدائه ، حتى أنهم لقبوه بسليمان العظيم Suleiman
the Magnificent
بل إن ملك فرنسا طلب من الخليفة المسلم أن ينقذه من الأسبان الذين احتلوا بلاده ، فحرر المسلمون لفرنسا مدينة نيس ، وهذا ما أدى إلى
تنازل فرنسا عن ميناء طولون برضاها ليصبح قاعدة حربية إسلامية .
ولكي ينتهي هذا الكابوس المسمى بسليمان الذي أرعب ملوك أوروبا ، أعلن بابا الفاتيكان حالة النفير العام في كافة أرجاء قارة أوروبا ،
فتجمع أكبر تحالف عسكري يقودهم ملك المجر .
عسكر الفريقان عند وادي موهاكس ، وقضى السلطان سليمان ليلته يدعو الله أن ينصر الإسلام .
حتى جاء الفجر فصلى الخليفة بالمسلمين ، ثم نظر إلى جيشه وقال : (وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليكم الآن) . عندها
بكى الجنود وعانق بعضهم بعضاً مودعين ؛ يرجون الشهادة في سبيل الله .
وبدأت المعركة الحاسمة وهجم المجريون على الجيش العثماني الذي اصطف على ثلاثة صفوف . فلما تقدم فرسان المجر وهجموا على
المسلمين أمر السلطان سليمان الصف الأول بالانسحاب ، فظن الصليبيون أن المسلمين انهزموا من المعركة بسرعة فاندفعوا إلى الأمام .
وتقدموا كثيراً حتى أتت إشارة السلطان فأطلقت نيران المدافع العثمانية على الجيش المجري الذي دمر تدميراً كاملاً .
وكانت هذه المعركة من المعارك النادرة في التاريخ ، فقد انتهت بانتصار ساحق للمسلمين في تسعين دقيقة فقط هي زمن المعركة .
لم يتوانى السلطان سليمان عن نجدة المسلمين وتلبية طلبات الاستغاثة من كل مكان ، وأمر بتنفيذ عمليات بحرية خطيرة لإنقاذ مسلمي
الأندلس الذين كانوا يتعرضون لأشد أنواع التعذيب من قبل محاكم التفتيش .
ظل السلطان سليمان يقود جيوش المسلمين بنفسه وقد بلغ من العمر 74 عاماً ، فنصحه الأطباء بعدم المشاركة لمرضه الشديد ، فكان
جواب السلطان : (أحب أن أموت غازياً في سبيل الله) .
فحمل الجند الخليفة المسن إلى ميدان المعركة ، ووصلوا إلى حصن يسمى سيكتوار ، فحاصره المسلمون 5 أشهر ، وكان الحصن منيعاً
جداً واشتد الأمر على المسلمين .
إلا أن السلطان المريض أخذ يتضرع إلى الله طالباً منه النصر وهو يقول : (يا رب العالمين ، افتح على عبادك المسلمين وانصرهم
واضرم النار على الكفار) .
فاستجاب الله دعائه فأصابت إحدى القذائف مخزن البارود ، فأضرمت النيران في جميع أرجاء الحصن . فتقدم المسلمون وفتح الحصن
ورفعت راية الإسلام في أعلى القلعة .
ولما وصلت البشرى للسلطان ابتسم ثم قال : (الحمد لله ، الآن طاب الموت) . ثم توقف ذلك الصوت الذي قضى حياته مجاهداً ومحارباً في
سبيل الله .
الاثنين، 19 يونيو 2017
25 رمضان 1438 هـ - سليم الأول
تمكن البرتغاليون الصليبيون من السيطرة على المضائق البحرية المهمة حول الجزيرة العربية بهدف منع أي سفينة إسلامية من دخول البحر الأحمر ، ثم لتنفيذ مخططهم المجرم .
قام قائد الحملة البرتغالية «ألفونسو دي ألبوكرك» بتهديد المسلمين وأنه سيقوم بغزو المدينة المنورة كي ينبش قبر رسول الله محمد ثم يقوم بسرقته كي يساوم المسلمين على تسليم مدينة القدس له .
أما العالم الإسلامي فكان متفرقاً متشتتاً ، فكان سلطان الدولة العثمانية بايزيد الثاني يميل إلى السلم والهدوء والعزلة ، واتخذ المماليك حكام مصر والشام موقفاً سلمياً .
وظهرت دولة جديدة ادعت انتمائها للإسلام وهي الدولة الصفوية ، يقودها إسماعيل الصفوي والتي استولت على بلاد فارس والعراق ، وقام بقتل مليون مسلم ممن خالف فكره كي يوطد دولته ، وكان يضيق على الدولة العثمانية من جهة الشرق .
ولم يكتف بذلك بل قام بمراسلة القوة البرتغالية واتفق معهم على السماح لقواتهم بالبقاء في مضيق هرمز ، وكون معهم حلفاً ضد الدولة العثمانية .
ولما وصلت الأمور إلى هذا الحد الخطير الذي يهدد كيان الإسلام طالبت القوات الانكشارية والتابعة للسلطنة العثمانية من السلطان بايزيد الثاني التنحي عن السلطة وإفساح المجال لابنه سليم لأنهم كانوا يروا فيه العقلية العسكرية القوية .
وفعلاً تنحى بايزيد الثاني عن الحكم ، فلم يضيع السلطان سليم الوقت واتجه مباشرة مع جيشه ليقضي أولاً على الصفويين .
وكان إسماعيل الصفوي يتهرب من القتال ، وقام بمناورات عديدة كي يطيل انتظار المسلمين .
فبعث السلطان سليم برسالة جاء فيها : (إن كنت رجلاً فلاقني في الميدان ولن أمل انتظارك) .
فالتقى الجيشان في وادي جالديران وألحق العثمانيون بهم هزيمة ساحقة ، فألبس الصفوي ثيابه لشبيه له من أتباعه وفر هارباً من أرض المعركة .
وما أن وصلت أنباء معركة جالديران إلى أنحاء الأمة الإسلامية حتى انهالت الرسائل القادمة من الشام ومصر تطالب السلطان سليم بتوحيد العالم الإسلامي .
فوحد بلاد الشام ومصر ، ثم انضم أشراف الحجاز إلى راية العثمانيين ، وتنازل الخليفة العباسي المتوكل على الله عن الخلافة ليصبح السلطان سليم الخليفة العثماني الأول واختار لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين .
وما أن وحد الخليفة سليم الأول قوى العالم الإسلامي حتى سارع إلى تنفيذ المهمة : مهمة إنقاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم .
فأرسل أسطوله البحري إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي ، واستطاع الانتصار على سفن الغزاة البرتغاليين وأنزل بهم خسائر فادحة .
ثم أمر السلطان سليم بإنشاء أكبر أسطول بحري في المنطقة لمواجهة أي خطر يمس أرض الجزيرة العربية والبلاد الإسلامية .
نجح الخليفة سليم الأول بتوحيد قوى الشعوب الإسلامية تحت راية واحدة ، وانتعش الاقتصاد في عهده بشكل كبير حتى امتلأت خزينة الدولة الإسلامية بالأموال .
فقام السلطان سليم بوضع ختمه السلطاني على تلك الخزنة ثم قال لمن حوله : (إذا استطاع شخص بعدي أن يملأ الخزينة أكثر من ذلك ، فليقفلها بختمه) .
وفعلاً لم يستطع أحد من خلفائه فعل ذلك . فبقي ختمه على تلك الخزينة حتى انهيار الخلافة العثمانية بعد حوالي 400 عام .
قام قائد الحملة البرتغالية «ألفونسو دي ألبوكرك» بتهديد المسلمين وأنه سيقوم بغزو المدينة المنورة كي ينبش قبر رسول الله محمد ثم يقوم بسرقته كي يساوم المسلمين على تسليم مدينة القدس له .
أما العالم الإسلامي فكان متفرقاً متشتتاً ، فكان سلطان الدولة العثمانية بايزيد الثاني يميل إلى السلم والهدوء والعزلة ، واتخذ المماليك حكام مصر والشام موقفاً سلمياً .
وظهرت دولة جديدة ادعت انتمائها للإسلام وهي الدولة الصفوية ، يقودها إسماعيل الصفوي والتي استولت على بلاد فارس والعراق ، وقام بقتل مليون مسلم ممن خالف فكره كي يوطد دولته ، وكان يضيق على الدولة العثمانية من جهة الشرق .
ولم يكتف بذلك بل قام بمراسلة القوة البرتغالية واتفق معهم على السماح لقواتهم بالبقاء في مضيق هرمز ، وكون معهم حلفاً ضد الدولة العثمانية .
ولما وصلت الأمور إلى هذا الحد الخطير الذي يهدد كيان الإسلام طالبت القوات الانكشارية والتابعة للسلطنة العثمانية من السلطان بايزيد الثاني التنحي عن السلطة وإفساح المجال لابنه سليم لأنهم كانوا يروا فيه العقلية العسكرية القوية .
وفعلاً تنحى بايزيد الثاني عن الحكم ، فلم يضيع السلطان سليم الوقت واتجه مباشرة مع جيشه ليقضي أولاً على الصفويين .
وكان إسماعيل الصفوي يتهرب من القتال ، وقام بمناورات عديدة كي يطيل انتظار المسلمين .
فبعث السلطان سليم برسالة جاء فيها : (إن كنت رجلاً فلاقني في الميدان ولن أمل انتظارك) .
فالتقى الجيشان في وادي جالديران وألحق العثمانيون بهم هزيمة ساحقة ، فألبس الصفوي ثيابه لشبيه له من أتباعه وفر هارباً من أرض المعركة .
وما أن وصلت أنباء معركة جالديران إلى أنحاء الأمة الإسلامية حتى انهالت الرسائل القادمة من الشام ومصر تطالب السلطان سليم بتوحيد العالم الإسلامي .
فوحد بلاد الشام ومصر ، ثم انضم أشراف الحجاز إلى راية العثمانيين ، وتنازل الخليفة العباسي المتوكل على الله عن الخلافة ليصبح السلطان سليم الخليفة العثماني الأول واختار لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين .
وما أن وحد الخليفة سليم الأول قوى العالم الإسلامي حتى سارع إلى تنفيذ المهمة : مهمة إنقاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم .
فأرسل أسطوله البحري إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي ، واستطاع الانتصار على سفن الغزاة البرتغاليين وأنزل بهم خسائر فادحة .
ثم أمر السلطان سليم بإنشاء أكبر أسطول بحري في المنطقة لمواجهة أي خطر يمس أرض الجزيرة العربية والبلاد الإسلامية .
نجح الخليفة سليم الأول بتوحيد قوى الشعوب الإسلامية تحت راية واحدة ، وانتعش الاقتصاد في عهده بشكل كبير حتى امتلأت خزينة الدولة الإسلامية بالأموال .
فقام السلطان سليم بوضع ختمه السلطاني على تلك الخزنة ثم قال لمن حوله : (إذا استطاع شخص بعدي أن يملأ الخزينة أكثر من ذلك ، فليقفلها بختمه) .
وفعلاً لم يستطع أحد من خلفائه فعل ذلك . فبقي ختمه على تلك الخزينة حتى انهيار الخلافة العثمانية بعد حوالي 400 عام .
الأحد، 18 يونيو 2017
24 رمضان 1438 هـ - محمد الفاتح
كان من القبائل التي فرت من هجوم المغول قبيلة سكنت بلاد الأناضول ، وأنشأ هناك رجل اسمه عثمان بن أرطغرل الدولة العثمانية ، وأصبحت هذه الدولة ملاذاً لكثير من المسلمين الفارين من التتار .
توفي عثمان وأخذ خلفاؤه على عاتقهم جهاد البيزنطيين . وكان سادس السلاطين العثمانيين هو السلطان مراد الثاني .
أراد السلطان أن يربي ابنه محمد على القيم الإسلامية ، فجلب له عدداً من المعلمين كي يربوه . أما الأمير الصغير فكان لا يستجيب لهم ويتهرب من الدرس .
فطلب السلطان من العالم الجليل الملا الكوراني أن يتولى تربية ابنه وأعطاه عصا ليضربه بها إذا خالف أمره . ولما دخل الملا على الأمير المشاكس سخر منه وازداد ضحكه . فعاجله الملا بضربة قوية أيقظت الأمير الصغير .
فأقبل الأمير محمد على العلم ، وختم القرآن في مدة يسيرة ، ثم تعلم العلوم الإسلامية وتعلم عدداً من اللغات .
ثم أشرف عليه الشيخ الكبير آق شمس الدين ، فقام بتعليمه العلوم العلمية وأساليب الحرب ، وكان دائماً يشجع الأمير ويبث في قلبه بأنه هو من سيفتح القسطنطينية ، فرسخ هذا الحلم في ذهنه .
لما تولى الأمير الحكم كان عمره 23 سنة فقط ، فبدأ يعد العدة ليحقق الحلم الذي يراوده .
عرض السلطان محمد على إمبراطور الدولة البيزنطية أن يسلم القسطنيطينية فرفض .
فبدأ السلطان يخطط لعملية الفتح ، فسار بجيش قوامه ربع مليون جندي ودرب تلك الجموع على مختلف أنواع الأسلحة .
وتمكن مهندسو السلطان من صناعة سلاح مبتكر لم يكن معروفاً في ساحات القتال ؛ إنه المدفع السلطاني . كان هذا المدفع العملاق يقذف قذيفة زنتها 1500 كيلو جرام ، وتمتد مسافة ميل .
كانت القسطنطينية محاطة بالمياه من ثلاث جهات ، وكان خليج القرن الذهبي محمياً بسلسلة ضخمة جداً تمنع أي سفينة من دخوله بل وتحطم كل سفينة تحاول الاقتراب .
فخرج السلطان بفكرة عجيبة أدهشت الجميع وهي سفن تبحر على اليابسة .
لما حل الليل أمر السلطان ببناء سفن خفيفة الوزن ، ثم أمر بتمهيد الأرض فمهدت وسويت في ساعات قليلة ، ثم أتي بألواح من الخشب فدهنت بالزيت ثم وضعت على الطريق الممهد .
فجرت أكثر من 70 سفينة بهدوء على تلك الألواح ، ونقلت من بحر البسفور إلى القرن الذهبي على اليابسة . فاستيقظ أهل القسطنطينية وتفاجؤا بسفن السلطان أمامهم .
وحاصر المسلمون القسطنطينية 40 يوماً ، وتخلل اليأس وكادوا أن يفكوا الحصار .
إلا أن الشيخ آق شمس الدين قام يشجع السلطان ويبث الحماسة في نفوس الجنود ، ثم دخل خيمته فسجد يدعو الله أن يحقق النصر .
فعاد السلطان وأصدر أوامره بمواصلة الهجوم ، فتمكن الجيش العثماني أن يدخل القسطنطينية . وأذن بالأذان الإسلامي في جنبات المدينة .
ودخل السلطان محمد الفاتح ؛ فاتح القسطنطينية ، فسجد شكراً لله عز وجل . وآمن السلطان محمد الفاتح الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية .
وتحققت المعجزة النبوية الكريمة بعد 8 قرون من وعد رسول الله .
توفي عثمان وأخذ خلفاؤه على عاتقهم جهاد البيزنطيين . وكان سادس السلاطين العثمانيين هو السلطان مراد الثاني .
أراد السلطان أن يربي ابنه محمد على القيم الإسلامية ، فجلب له عدداً من المعلمين كي يربوه . أما الأمير الصغير فكان لا يستجيب لهم ويتهرب من الدرس .
فطلب السلطان من العالم الجليل الملا الكوراني أن يتولى تربية ابنه وأعطاه عصا ليضربه بها إذا خالف أمره . ولما دخل الملا على الأمير المشاكس سخر منه وازداد ضحكه . فعاجله الملا بضربة قوية أيقظت الأمير الصغير .
فأقبل الأمير محمد على العلم ، وختم القرآن في مدة يسيرة ، ثم تعلم العلوم الإسلامية وتعلم عدداً من اللغات .
ثم أشرف عليه الشيخ الكبير آق شمس الدين ، فقام بتعليمه العلوم العلمية وأساليب الحرب ، وكان دائماً يشجع الأمير ويبث في قلبه بأنه هو من سيفتح القسطنطينية ، فرسخ هذا الحلم في ذهنه .
لما تولى الأمير الحكم كان عمره 23 سنة فقط ، فبدأ يعد العدة ليحقق الحلم الذي يراوده .
عرض السلطان محمد على إمبراطور الدولة البيزنطية أن يسلم القسطنيطينية فرفض .
فبدأ السلطان يخطط لعملية الفتح ، فسار بجيش قوامه ربع مليون جندي ودرب تلك الجموع على مختلف أنواع الأسلحة .
وتمكن مهندسو السلطان من صناعة سلاح مبتكر لم يكن معروفاً في ساحات القتال ؛ إنه المدفع السلطاني . كان هذا المدفع العملاق يقذف قذيفة زنتها 1500 كيلو جرام ، وتمتد مسافة ميل .
كانت القسطنطينية محاطة بالمياه من ثلاث جهات ، وكان خليج القرن الذهبي محمياً بسلسلة ضخمة جداً تمنع أي سفينة من دخوله بل وتحطم كل سفينة تحاول الاقتراب .
فخرج السلطان بفكرة عجيبة أدهشت الجميع وهي سفن تبحر على اليابسة .
لما حل الليل أمر السلطان ببناء سفن خفيفة الوزن ، ثم أمر بتمهيد الأرض فمهدت وسويت في ساعات قليلة ، ثم أتي بألواح من الخشب فدهنت بالزيت ثم وضعت على الطريق الممهد .
فجرت أكثر من 70 سفينة بهدوء على تلك الألواح ، ونقلت من بحر البسفور إلى القرن الذهبي على اليابسة . فاستيقظ أهل القسطنطينية وتفاجؤا بسفن السلطان أمامهم .
وحاصر المسلمون القسطنطينية 40 يوماً ، وتخلل اليأس وكادوا أن يفكوا الحصار .
إلا أن الشيخ آق شمس الدين قام يشجع السلطان ويبث الحماسة في نفوس الجنود ، ثم دخل خيمته فسجد يدعو الله أن يحقق النصر .
فعاد السلطان وأصدر أوامره بمواصلة الهجوم ، فتمكن الجيش العثماني أن يدخل القسطنطينية . وأذن بالأذان الإسلامي في جنبات المدينة .
ودخل السلطان محمد الفاتح ؛ فاتح القسطنطينية ، فسجد شكراً لله عز وجل . وآمن السلطان محمد الفاتح الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية .
وتحققت المعجزة النبوية الكريمة بعد 8 قرون من وعد رسول الله .
السبت، 17 يونيو 2017
23 رمضان 1438 هـ - سيف الدين قطز
من شرق آسيا ومن على قمم جبال منغوليا قام رجل مغولي بغزو بلاد القارة الآسيوية واحدة تلو الأخرى ؛ يسفك بشعوبها ويدمر أراضيها .
كان هذا الرجل سفاحاً مجرماً لا قلب له ، يقود جيش التتار الذي لا يعرف إلا القتل والتخريب ، وأطلق عليه اسم (جنكيز خان) وهي كلمة تعني : قاهر العالم .
استطاع التتار بوحشيتهم أن يبنوا إمبراطورية كبيرة امتدت من المحيط الهادي حتى بحر قزوين .
ووصل قائد جيش المغول هولاكو إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية سنة 656 هـ ، فقتلوا خلال أربعين يوماً فقط مليون مسلم ، ودمروا المساجد والمستشفيات وأحرقوا مكتبة بغداد العظيمة وتحول لون نهرِ دجلة إلى اللون الأسود من أثر الكتب .
ثم اجتاحت جيوشه بلاد الشام وأصبح الطريق مفتوحاً أمامهم للهجوم على مكة .
وفي إحدى حروبهم قام التتار باختطاف أطفال من بلاد خوارزم غرب أوزبكستان كي يبيعوهم في سوق العبيد .
وكان من بينهم طفل صغير يعاند التتار ويقاومهم بشراسة ، فأطلق التتار عليه اسم (قطز) ويعني (الحيوان المتوحش) ؛ إنه هو قاهر التتار السلطان المملوكي سيف الدين قطز .
حمل الطفل ومن معه من أرض آسيا الوسطى إلى بلاد الشام وأصبح عبداً مملوكاً يباع ويشترى . ثم وصل إلى أرض مصر فقام الملك الأيوبي نجم الدين أيوب بشراء هؤلاء المماليك ليربيهم تربية دينية وعسكرية صارمة .
فنشأ قطز على التربية الإسلامية وتعلم فنون القتال والخطط الحربية .
وعندما تولى سيف الدين قطز الحكم في مصر جمع الأمراء والقادة على هدف واحد وهو وقف زحف التتار .
كان السلطان قطز يوقر العلماء ويطيعهم ، وعندما أراد جمع المال من الشعب لتجهيز الجيش طلب الفتوى من سلطان العلماء الشيخ العز بن عبد السلام ، إلا أن الشيخ أشار إلى قطز أن يخرج الأمراء أولاً ما عندهم من أموال ويتساووا في ذلك مع عامة الناس .
فبدأ قطز بنفسه فباع كل ما يملك ، ثم أمر الوزراء والأمراء فامتثلوا لأمره ، فتم تجهيز كل الجيش بالأموال التي حصل عليها من الأمراء .
فتقدم المسلمون بقيادة السلطان قطز نحو أرض فلسطين ، والتقى مع التتار في معركة عين جالوت في الخامس والعشرين من رمضان سنة 658 هـ ، وقاتل قطز بنفسه في أرض المعركة .
وقاتل التتار قتالاً رهيباً وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم ، واشتد الأمر على المسلمين .
فأطلق قطز صيحته الخالدة : وإسلاماه .. وإسلاماه .. وإسلاماه
ثم قال في تضرع : (يا الله ، انصر عبدك قطز على التتار)
فنزلت الرحمات على الجيش المؤمن ، وانقلبت موازيين المعركة فهزمهم المسلمون وقتل أمير المغول وأبيد جيش التتار بأكمله .
ثم نزل السلطان قطز عن فرسه فصلى ركعتين شكراً لله على هذا النصر المبين .
تمكن الملك المظفر من القضاء على أسطورة الجيش الذي لا يقهر ، وأوقف زحف الجيش التتري الغاشم لتعلو بذلك راية الإسلام . واستطاع السلطان قطز أن يغير حال أمة من أعماق الهزيمة إلى قمة النصر .
كان هذا الرجل سفاحاً مجرماً لا قلب له ، يقود جيش التتار الذي لا يعرف إلا القتل والتخريب ، وأطلق عليه اسم (جنكيز خان) وهي كلمة تعني : قاهر العالم .
استطاع التتار بوحشيتهم أن يبنوا إمبراطورية كبيرة امتدت من المحيط الهادي حتى بحر قزوين .
ووصل قائد جيش المغول هولاكو إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية سنة 656 هـ ، فقتلوا خلال أربعين يوماً فقط مليون مسلم ، ودمروا المساجد والمستشفيات وأحرقوا مكتبة بغداد العظيمة وتحول لون نهرِ دجلة إلى اللون الأسود من أثر الكتب .
ثم اجتاحت جيوشه بلاد الشام وأصبح الطريق مفتوحاً أمامهم للهجوم على مكة .
وفي إحدى حروبهم قام التتار باختطاف أطفال من بلاد خوارزم غرب أوزبكستان كي يبيعوهم في سوق العبيد .
وكان من بينهم طفل صغير يعاند التتار ويقاومهم بشراسة ، فأطلق التتار عليه اسم (قطز) ويعني (الحيوان المتوحش) ؛ إنه هو قاهر التتار السلطان المملوكي سيف الدين قطز .
حمل الطفل ومن معه من أرض آسيا الوسطى إلى بلاد الشام وأصبح عبداً مملوكاً يباع ويشترى . ثم وصل إلى أرض مصر فقام الملك الأيوبي نجم الدين أيوب بشراء هؤلاء المماليك ليربيهم تربية دينية وعسكرية صارمة .
فنشأ قطز على التربية الإسلامية وتعلم فنون القتال والخطط الحربية .
وعندما تولى سيف الدين قطز الحكم في مصر جمع الأمراء والقادة على هدف واحد وهو وقف زحف التتار .
كان السلطان قطز يوقر العلماء ويطيعهم ، وعندما أراد جمع المال من الشعب لتجهيز الجيش طلب الفتوى من سلطان العلماء الشيخ العز بن عبد السلام ، إلا أن الشيخ أشار إلى قطز أن يخرج الأمراء أولاً ما عندهم من أموال ويتساووا في ذلك مع عامة الناس .
فبدأ قطز بنفسه فباع كل ما يملك ، ثم أمر الوزراء والأمراء فامتثلوا لأمره ، فتم تجهيز كل الجيش بالأموال التي حصل عليها من الأمراء .
فتقدم المسلمون بقيادة السلطان قطز نحو أرض فلسطين ، والتقى مع التتار في معركة عين جالوت في الخامس والعشرين من رمضان سنة 658 هـ ، وقاتل قطز بنفسه في أرض المعركة .
وقاتل التتار قتالاً رهيباً وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم ، واشتد الأمر على المسلمين .
فأطلق قطز صيحته الخالدة : وإسلاماه .. وإسلاماه .. وإسلاماه
ثم قال في تضرع : (يا الله ، انصر عبدك قطز على التتار)
فنزلت الرحمات على الجيش المؤمن ، وانقلبت موازيين المعركة فهزمهم المسلمون وقتل أمير المغول وأبيد جيش التتار بأكمله .
ثم نزل السلطان قطز عن فرسه فصلى ركعتين شكراً لله على هذا النصر المبين .
تمكن الملك المظفر من القضاء على أسطورة الجيش الذي لا يقهر ، وأوقف زحف الجيش التتري الغاشم لتعلو بذلك راية الإسلام . واستطاع السلطان قطز أن يغير حال أمة من أعماق الهزيمة إلى قمة النصر .
الجمعة، 16 يونيو 2017
22 رمضان 1438 هـ - صلاح الدين الأيوبي
في سنة 488 هـ خرجت حملات عسكرية تحت راية الصليب من شتى أنحاء أوروبا لغزو ديار الإسلام والسيطرة على الأراضي المقدسة .
وقامت كنيسة الروم الكاثوليك بالترويج لحربها وأن من شارك فيها فسيحظى بتكفير ذنوب الدنيا ومغفرة الرب . وسميت هذه الحملات بالحروب الصليبية .
كانت بلاد الإسلام متفرقة ، يستعين بعضهم بالأجنبي الصليبي على إخوانه . فاستولى الصليبيون على معظم بلاد الشام .
ثم وصلوا إلى بيت المقدس سنة 492 هـ ، وفي هذه المدينة المقدسة هدموا المساجد وأحرقوا البيوت ، فاحتمى السكان المسلمون بالمسجد الأقصى لعل الصليبين يحترمون قدسية المكان .
لكنهم اقتحموا المسجد الأقصى وارتكبت المذبحة الكبيرة ، فقتلوا في ليلة واحدة سبعين ألف مسلم ما بين رجال ونساء وشيوخ وأطفال ، ووصل مستوى الدم في الحرم القدسي إلى ركب الخيول ، فسبحت خيول الصليبين بدماء المسلمين في الحرم القدسي .
كانت هناك قوة ناهضة تشعر بالخطر الصليبي على الإسلام ، يقودها الملك العادل نور الدين زنكي . فبذل كل جهوده لتوحيد المسلمين في جبهة واحدة لمواجهة الصليبين ، فوحد الشام ومصر ثم وافاه الأجل .
وكان في جيش نور الدين فارس شجاع من عائلة كردية ، من بلدة تكريت العراقية ، يجيد فنون الحرب وأظهر مهارات حربية كبيرة في القتال . إنه الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله .
ولد في سنة 532 هـ ونشأ نشأة مباركة في كنف والده نجم الدين أيوب ، فتعلم القراءة والكتابة باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم ودرس الحديث ، ورباه على الفروسية ودربه على استعمال أدوات الحرب .
فأكمل صلاح الدين هذه المهمة العظيمة ، ونجح في إنقاذ مصر من قبضة الفاطميين الذين كانوا يرضخون للنفوذ الصليبي في بيت المقدس .
كان صلاح الدين حريصاً على إرضاء الله فبدأ حكمه بالعدل بين الناس ثم بإعداد جنوده وتدريبهم أحسن تدريب .
وكان صلاح الدين يفكر كثيراً كيف السبيل لتحرير الأرض المقدسة وكان من كلامه رحمه الله : (كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبين ؟) .
ثم بدأ يخوض سلسلة من المعارك مع الصليبين ، وتحقق له النصر العظيم في معركة حطين سنة 583 هـ . وأخذت المواقع الصليبية تنهار واحدة تلو الأخرى تحت ضربات صلاح الدين .
وأصبحت الطريق ممهدة لفتح مدينة القدس التي ظلت تحت أيدي الصليبين لمدة تزيد عن تسعين عاماً .
فتقدم صلاح الدين إلى القدس وحاصرها حصاراً شديداً حتى استسلم حكامها وطلبوا الصلح .
ودخل صلاح الدين القدس في يوم من أعظم أيام الإسلام ، وفرح المسلمون في كل مكان بهذا النصر العظيم .
وتجلت سماحة صلاح الدين في عفوه عن الصليبين فلم يعاملهم بالمثل . فحظي باحترام خصومه وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في ديارهم ، أصبح اسمه رمز الرحمة في أوروبا .
لقد كان صلاح الدين الأيوبي يحمل هم تحرير القدس ، وعمل بجد وإخلاص لتحقيق هذا الهدف ، فأكرمه الله ليرى أبواب القدس تفتح ذراعيها له ، ويصلي فاتحاً في المسجد الأقصى .
وقامت كنيسة الروم الكاثوليك بالترويج لحربها وأن من شارك فيها فسيحظى بتكفير ذنوب الدنيا ومغفرة الرب . وسميت هذه الحملات بالحروب الصليبية .
كانت بلاد الإسلام متفرقة ، يستعين بعضهم بالأجنبي الصليبي على إخوانه . فاستولى الصليبيون على معظم بلاد الشام .
ثم وصلوا إلى بيت المقدس سنة 492 هـ ، وفي هذه المدينة المقدسة هدموا المساجد وأحرقوا البيوت ، فاحتمى السكان المسلمون بالمسجد الأقصى لعل الصليبين يحترمون قدسية المكان .
لكنهم اقتحموا المسجد الأقصى وارتكبت المذبحة الكبيرة ، فقتلوا في ليلة واحدة سبعين ألف مسلم ما بين رجال ونساء وشيوخ وأطفال ، ووصل مستوى الدم في الحرم القدسي إلى ركب الخيول ، فسبحت خيول الصليبين بدماء المسلمين في الحرم القدسي .
كانت هناك قوة ناهضة تشعر بالخطر الصليبي على الإسلام ، يقودها الملك العادل نور الدين زنكي . فبذل كل جهوده لتوحيد المسلمين في جبهة واحدة لمواجهة الصليبين ، فوحد الشام ومصر ثم وافاه الأجل .
وكان في جيش نور الدين فارس شجاع من عائلة كردية ، من بلدة تكريت العراقية ، يجيد فنون الحرب وأظهر مهارات حربية كبيرة في القتال . إنه الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله .
ولد في سنة 532 هـ ونشأ نشأة مباركة في كنف والده نجم الدين أيوب ، فتعلم القراءة والكتابة باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم ودرس الحديث ، ورباه على الفروسية ودربه على استعمال أدوات الحرب .
فأكمل صلاح الدين هذه المهمة العظيمة ، ونجح في إنقاذ مصر من قبضة الفاطميين الذين كانوا يرضخون للنفوذ الصليبي في بيت المقدس .
كان صلاح الدين حريصاً على إرضاء الله فبدأ حكمه بالعدل بين الناس ثم بإعداد جنوده وتدريبهم أحسن تدريب .
وكان صلاح الدين يفكر كثيراً كيف السبيل لتحرير الأرض المقدسة وكان من كلامه رحمه الله : (كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبين ؟) .
ثم بدأ يخوض سلسلة من المعارك مع الصليبين ، وتحقق له النصر العظيم في معركة حطين سنة 583 هـ . وأخذت المواقع الصليبية تنهار واحدة تلو الأخرى تحت ضربات صلاح الدين .
وأصبحت الطريق ممهدة لفتح مدينة القدس التي ظلت تحت أيدي الصليبين لمدة تزيد عن تسعين عاماً .
فتقدم صلاح الدين إلى القدس وحاصرها حصاراً شديداً حتى استسلم حكامها وطلبوا الصلح .
ودخل صلاح الدين القدس في يوم من أعظم أيام الإسلام ، وفرح المسلمون في كل مكان بهذا النصر العظيم .
وتجلت سماحة صلاح الدين في عفوه عن الصليبين فلم يعاملهم بالمثل . فحظي باحترام خصومه وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في ديارهم ، أصبح اسمه رمز الرحمة في أوروبا .
لقد كان صلاح الدين الأيوبي يحمل هم تحرير القدس ، وعمل بجد وإخلاص لتحقيق هذا الهدف ، فأكرمه الله ليرى أبواب القدس تفتح ذراعيها له ، ويصلي فاتحاً في المسجد الأقصى .
الخميس، 15 يونيو 2017
21 رمضان 1438 هـ - الزهراوي
فكرة أن يقوم الطبيب بإجراء العمليات الجراحية لأول مرة ، وأن يستخدم أدوات كالمشرط والمقص أثناء الجراحة .
وأن يستعمل الخيوط الجراحية في ربط الأوعية الدموية لوقف نزيفها ، هي من إبداع طبيب مسلم كان يعيش في مدينة قرطبة ، إنه الجراح الأندلسي أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي .
برع الطبيب الزهراوي في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) في علم الجراحة ، فقد كان لمساهماته الطبية سواء في الأدوات الجراحية التي ابتكرها أو الأجهزة التي صنعها تأثيرها الكبير في الشرق والغرب ، حتى أن بعض اختراعاته لا تزال تستخدم إلى اليوم .
ومن أعظم مساهماته في الطب هو كتاب (التصريف لمن عجز عن التأليف) الذي يعد موسوعة طبية مكونة من ثلاثين مجلداً ، جمع فيها معلوماته على مدى 50 عاماً من ممارسته للطب .
لقد زود الزهراوي مبحثه بصور توضيحية لأكثر من مائتي آلة جراحية قد وضع تصميمها بنفسه .
الزهراوي هو أول من تمكن من اختراع أولى أدوات الجراحة وكلاليب خلع الأسنان ، وملاعق خاصة لخفض اللسان وفحص الفم ، ووصف الحقنة العادية والحقنة الشرجية ، وابتكر آلة خاصة لاستخراج الجنين الميت .
لم يوضح الزهراوي الأدوات الجراحية برسمها يدوياً فقط ، بل قام بتوفير معلومات مفصلة عن مواد التصنيع وأعطى شرحاً وافياً لكيفية استخدامها .
تولى الزهراوي تدريس الطب في جامعة قرطبة ، وابتدع أسلوبًا جديدًا في تناول المسائل الطبية وعرضها .
عرف الزهراوي في أوروبا باسم Abulcasis ، فقد اقتفى أثره الجراحون الأوروبيون واقتبسوا عنه ، وترجمت كتبه إلى لغات عديدة ودرست في جامعات أوروبا الطبية . وقد أطلقت إسبانيا اسمه على أحد شوارع مدينة قرطبة تكريماً له .
كان يوكل عمل الجراحة في أوروبا إلى الحلاقين ، أما الزهراوي فقد ألزم أن الطبيب هو من يمارس الجراحة ويجب أن يكون على معرفة دقيقة بعلم التشريح .
إن أهم صفة للطبيب الجراح هي الجرأة ، وكان الزهراوي يقوم بعمليات جراحية معقدة بنفسه ، وكان أول طبيب مسلم ينجح نجاحًا باهرًا في عملية شق القصبة الهوائية والتي كان الأطباء قبله يبتعدون عن إجرائها لخطورتها .
وكتب الزهراوي في وصف طرق التوليد والجراحة النسائية ، ووصف الحمل خارج الرحم .
وفي جراحة العظام وصف طرقاً عدة لرد خلع مفصل الكتف والتي لا تزال تتبع إلى الآن .
وفي علم المسالك البولية كان أول من ابتكر القسطرة البولية ، وأبدع بوصف عمليات استئصال حصيات المثانة جراحياً أو تفتيتها بآلات خاصة .
وهو أول من استعمل القطن لإيقاف النزيف كما صنع الزهراوي أول أشكال اللاصق الطبي الذي لا يزال يستخدم في المستشفيات إلى الآن .
وسبق الزهراوي جميع مؤسسات الدواء العالمية ، فكان هو المؤسس الأول لصناعة أقراص الدواء وكتابة اسم الدواء على كل قرص منها .
لقد كان الزهراوي من أهل الفضل والدين والعلم يحافظ على فروضه ويحرص على طاعة الله ، وكان رائداً في علم الطب والجراحة وأحد الأعلام الذين خلفوا أثراً عظيماً سعدت بهم الإنسانية .
وأن يستعمل الخيوط الجراحية في ربط الأوعية الدموية لوقف نزيفها ، هي من إبداع طبيب مسلم كان يعيش في مدينة قرطبة ، إنه الجراح الأندلسي أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي .
برع الطبيب الزهراوي في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) في علم الجراحة ، فقد كان لمساهماته الطبية سواء في الأدوات الجراحية التي ابتكرها أو الأجهزة التي صنعها تأثيرها الكبير في الشرق والغرب ، حتى أن بعض اختراعاته لا تزال تستخدم إلى اليوم .
ومن أعظم مساهماته في الطب هو كتاب (التصريف لمن عجز عن التأليف) الذي يعد موسوعة طبية مكونة من ثلاثين مجلداً ، جمع فيها معلوماته على مدى 50 عاماً من ممارسته للطب .
لقد زود الزهراوي مبحثه بصور توضيحية لأكثر من مائتي آلة جراحية قد وضع تصميمها بنفسه .
الزهراوي هو أول من تمكن من اختراع أولى أدوات الجراحة وكلاليب خلع الأسنان ، وملاعق خاصة لخفض اللسان وفحص الفم ، ووصف الحقنة العادية والحقنة الشرجية ، وابتكر آلة خاصة لاستخراج الجنين الميت .
لم يوضح الزهراوي الأدوات الجراحية برسمها يدوياً فقط ، بل قام بتوفير معلومات مفصلة عن مواد التصنيع وأعطى شرحاً وافياً لكيفية استخدامها .
تولى الزهراوي تدريس الطب في جامعة قرطبة ، وابتدع أسلوبًا جديدًا في تناول المسائل الطبية وعرضها .
عرف الزهراوي في أوروبا باسم Abulcasis ، فقد اقتفى أثره الجراحون الأوروبيون واقتبسوا عنه ، وترجمت كتبه إلى لغات عديدة ودرست في جامعات أوروبا الطبية . وقد أطلقت إسبانيا اسمه على أحد شوارع مدينة قرطبة تكريماً له .
كان يوكل عمل الجراحة في أوروبا إلى الحلاقين ، أما الزهراوي فقد ألزم أن الطبيب هو من يمارس الجراحة ويجب أن يكون على معرفة دقيقة بعلم التشريح .
إن أهم صفة للطبيب الجراح هي الجرأة ، وكان الزهراوي يقوم بعمليات جراحية معقدة بنفسه ، وكان أول طبيب مسلم ينجح نجاحًا باهرًا في عملية شق القصبة الهوائية والتي كان الأطباء قبله يبتعدون عن إجرائها لخطورتها .
وكتب الزهراوي في وصف طرق التوليد والجراحة النسائية ، ووصف الحمل خارج الرحم .
وفي جراحة العظام وصف طرقاً عدة لرد خلع مفصل الكتف والتي لا تزال تتبع إلى الآن .
وفي علم المسالك البولية كان أول من ابتكر القسطرة البولية ، وأبدع بوصف عمليات استئصال حصيات المثانة جراحياً أو تفتيتها بآلات خاصة .
وهو أول من استعمل القطن لإيقاف النزيف كما صنع الزهراوي أول أشكال اللاصق الطبي الذي لا يزال يستخدم في المستشفيات إلى الآن .
وسبق الزهراوي جميع مؤسسات الدواء العالمية ، فكان هو المؤسس الأول لصناعة أقراص الدواء وكتابة اسم الدواء على كل قرص منها .
لقد كان الزهراوي من أهل الفضل والدين والعلم يحافظ على فروضه ويحرص على طاعة الله ، وكان رائداً في علم الطب والجراحة وأحد الأعلام الذين خلفوا أثراً عظيماً سعدت بهم الإنسانية .
الأربعاء، 14 يونيو 2017
20 رمضان 1438 هـ - عباس بن فرناس
أن يقوم إنسان قبل 1200 عام من الآن بالطيران في السماء والتحليق كما تحلق الطيور فهذا من الأقرب للخيال .
إن أصل فكرة الطيران سبقت الأخوان رايت إلى رجل مسلم كان يعيش في أرض الأندلس ؛ إنه العالم المسلم عباس بن فرناس .
كان لدى هذا العالم حلم الطيران ، فكان يرى الطيور تطير في السماء فجلس يتفكر في خلق الله ويتأمل في الآية : (أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن) [سورة الملك : 19].
فخرج بفهم رائع من التفكر وهو أن الله طالما سمح للطير بأن يطير فإن مبدأ الطيران قد شرعه سبحانه في هذا الكون .
لقد دمج عباس بن فرناس بين الدين والعلم ، وكان يحسن الإفادة من ربط العلوم ببعضها ولم يكن يقنع بكل ما كتبه الناس من النظريات ، بل كان يقوم بإجراء التجارب بنفسه ليتحقق من صحة كل نظرية .
كان هذا العالم العبقري أول إنسان في التاريخ يقوم باختراع الزجاج من الحجارة والرمل ، واخترع المنقالة وهي آلة لحساب الزمن كالساعة في عصرنا .
وكان سقف بيته عبارة عن قبة عجيبة كان الناس يأتونه كي يروها ، فقد صممها على هيئة السماء وما فيها من نجوم وغيوم وبرق ورعد والشمس والقمر والكواكب .
وقبل أن يخوض تجربة الطيران قام بإجراء تجارب كثيرة درس فيها ثقل الأجسام وتأثير ضغط الهواء فيها إذا ما حلقت في الفضاء .
وساعده على ذلك تبحره في العلوم الطبيعية والرياضيات والكيمياء وما قرأه في مجال خواص الأجسام ، لذلك لقب بحكيم الأندلس .
كانت المحاولة الأولى له عندما حاول الطيران من مأذنة قرطبة ، فسقط لكنه نزل بمظلة الهبوط فلم يصب بضرر كبير .
لم ييأس العالم المسلم وتعلم من تجربته ، فعمل جاهداً لتحسين تصميمه الثاني . فكسى نفسه بالريش وصنع جناحين من الحرير يحملان جسمه إذا ما حركهما في الفضاء . وبعد أن وضع اللمسات الأخيرة حدد وقتاً للقيام بتجربته وتجمع الناس .
فصعد تلة في مدينة قرطبة ثم حرك جناحيه وقفز في الجو وحلق ابن فرناس في سماء قرطبة كما يحلق الطير .
فأخذ يحلق في السماء إلى ارتفاع كبير ولأكثر من عشر دقائق ، والناس ينظرون إليه بدهشة وإعجاب .
وكان يتحكم بأجنحته ويتنقل بهما كيفما يشاء أثناء ارتفاعه ، ويقوم بتغيير اتجاهه ليعود بنجاح إلى الموضع الذي طار منه .
وعندما هم بالهبوط نزل عمودياً على الأرض وتأذى في ظهره ، لكنه لم يمت بل عاش بعدها وشفي بعد بضعة أشهر من الراحة والعلاج . فأدرك عندئذ وظيفة الذيل لأن الطيور تهبط على ذيولها .
وعلى الرغم من أن عملية الهبوط لم تتكلل بالنجاح إلا أن هذا العالم قدم استيعاباً صحيحاً لديناميكا الهواء وقدرة الطيور على التحليق .
لقد طبق ابن فرناس تجربته وفق نظريات علمية وضعها هو بنفسه وما زال يؤخذ بها إلى اليوم ، وأرست هذه النظريات الأسس لمن جاء بعده لبناء الطائرات ، حتى إن هواة الطيران اليوم يعتمدون على نفس مبادئه ونظرياته مع إجراء تعديل طفيف عليها بتركيب الذيل للآلة الحديثة .
لقد كسر عباس بن فرناس حاجز المستحيل وأثبت إمكانية الإنسان للطيران ، فكان أول من اخترق الجو وطار وحلق في الهواء .
إن أصل فكرة الطيران سبقت الأخوان رايت إلى رجل مسلم كان يعيش في أرض الأندلس ؛ إنه العالم المسلم عباس بن فرناس .
كان لدى هذا العالم حلم الطيران ، فكان يرى الطيور تطير في السماء فجلس يتفكر في خلق الله ويتأمل في الآية : (أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن) [سورة الملك : 19].
فخرج بفهم رائع من التفكر وهو أن الله طالما سمح للطير بأن يطير فإن مبدأ الطيران قد شرعه سبحانه في هذا الكون .
لقد دمج عباس بن فرناس بين الدين والعلم ، وكان يحسن الإفادة من ربط العلوم ببعضها ولم يكن يقنع بكل ما كتبه الناس من النظريات ، بل كان يقوم بإجراء التجارب بنفسه ليتحقق من صحة كل نظرية .
كان هذا العالم العبقري أول إنسان في التاريخ يقوم باختراع الزجاج من الحجارة والرمل ، واخترع المنقالة وهي آلة لحساب الزمن كالساعة في عصرنا .
وكان سقف بيته عبارة عن قبة عجيبة كان الناس يأتونه كي يروها ، فقد صممها على هيئة السماء وما فيها من نجوم وغيوم وبرق ورعد والشمس والقمر والكواكب .
وقبل أن يخوض تجربة الطيران قام بإجراء تجارب كثيرة درس فيها ثقل الأجسام وتأثير ضغط الهواء فيها إذا ما حلقت في الفضاء .
وساعده على ذلك تبحره في العلوم الطبيعية والرياضيات والكيمياء وما قرأه في مجال خواص الأجسام ، لذلك لقب بحكيم الأندلس .
كانت المحاولة الأولى له عندما حاول الطيران من مأذنة قرطبة ، فسقط لكنه نزل بمظلة الهبوط فلم يصب بضرر كبير .
لم ييأس العالم المسلم وتعلم من تجربته ، فعمل جاهداً لتحسين تصميمه الثاني . فكسى نفسه بالريش وصنع جناحين من الحرير يحملان جسمه إذا ما حركهما في الفضاء . وبعد أن وضع اللمسات الأخيرة حدد وقتاً للقيام بتجربته وتجمع الناس .
فصعد تلة في مدينة قرطبة ثم حرك جناحيه وقفز في الجو وحلق ابن فرناس في سماء قرطبة كما يحلق الطير .
فأخذ يحلق في السماء إلى ارتفاع كبير ولأكثر من عشر دقائق ، والناس ينظرون إليه بدهشة وإعجاب .
وكان يتحكم بأجنحته ويتنقل بهما كيفما يشاء أثناء ارتفاعه ، ويقوم بتغيير اتجاهه ليعود بنجاح إلى الموضع الذي طار منه .
وعندما هم بالهبوط نزل عمودياً على الأرض وتأذى في ظهره ، لكنه لم يمت بل عاش بعدها وشفي بعد بضعة أشهر من الراحة والعلاج . فأدرك عندئذ وظيفة الذيل لأن الطيور تهبط على ذيولها .
وعلى الرغم من أن عملية الهبوط لم تتكلل بالنجاح إلا أن هذا العالم قدم استيعاباً صحيحاً لديناميكا الهواء وقدرة الطيور على التحليق .
لقد طبق ابن فرناس تجربته وفق نظريات علمية وضعها هو بنفسه وما زال يؤخذ بها إلى اليوم ، وأرست هذه النظريات الأسس لمن جاء بعده لبناء الطائرات ، حتى إن هواة الطيران اليوم يعتمدون على نفس مبادئه ونظرياته مع إجراء تعديل طفيف عليها بتركيب الذيل للآلة الحديثة .
لقد كسر عباس بن فرناس حاجز المستحيل وأثبت إمكانية الإنسان للطيران ، فكان أول من اخترق الجو وطار وحلق في الهواء .
الثلاثاء، 13 يونيو 2017
19 رمضان 1438 هـ - عبد الرحمن الناصر
احتفلت دولة إسبانيا في سنة 1961 م بمناسبة مرور ألف سنة ميلادية على وفاة أعظم ملوك إسبانيا على مر العصور ؛ إنه القائد المسلم عبد الرحمن الناصر لدين الله .
لقد سادت حالة من التمزق الرهيب في الفترة التي سبقت حكمه ، فلم يكن يرغب أحد في تولي الإمارة هرباً من الوضع المزري الذي وصلت إليه ، وكانت تلك فرصة سانحة أمام قوات الروم لغزو الأندلس .
تولى عبد الرحمن الناصر الإمارة سنة 300 هـ وكانت عنده ثقة بالله بأنه يستطيع أن يغير حال البلاد .
تمكن الأمير الشاب الذي لم يتجاوز الواحدة والعشرين من عمره أن يسيطر على التمردات الداخلية . ثم قاد بنفسه حملات عسكرية إلى الروم ولم يزل يقاتلهم حتى دانت له ملوكها ، وتمكن من تحقيق الأمن والاستقرار .
كانت البلاد في عهد الناصر تعيش في رخاء منقطع النظير ، فكثرت الأموال ، ونمت الزراعة وتنوعت الفواكه ، وازهردت الصناعات الحديثة كصناعة الجلود والسفن والأدوية .
واتسع نطاق الخدمات والعلاج المجاني وظهرت المستشفيات لأول مرة في أوروبا .
ونشر الناصر العدل في أرجاء الأندلس وتعددت العرقيات البشرية التي سكنت الأندلس من مسلمين ويهود ونصارى ومن عرب وبربر وإفرنج .
واتسعت مدينة قرطبة في عهده ، وبني فيها 3000 مسجد .
وأطلق على قرطبة في ذلك العصر اسم (جوهرة العالم) ؛ فقد كانت أول مدينة في العالم تنار كل شوارعها ليلاً فكانت كالجوهرة المضيئة في ظلمات أوروبا الغارقة في الجهل والظلام .
وازدهر في عهده العلم والتعليم ، وقد اهتم كثيراً بمكتبة قرطبة حتى بلغ عدد الكتب فيها 400000 كتاب في زمن لم تظهر فيه الطباعة بعد ، ما دفع ملوك أوروبا لإرسال البعثات العلمية إلى الأندلس لدراسة سبل النهضة الحضارية هناك .
وأنشأ الناصر مدينة الزهراء التي اعتبرت أجمل مدينة في العالم ، وبنى فيها المسجد الجامع وشيد قصر الزهراء الذي كان آية في الفخامة ، فأقبل الناس يأتون من أقطار أوروبا ليشاهدوا هذا القصر العظيم .
وأصبحت الأندلس في عهده مركز العالم الإسلامي ، وإحدى القوى العظمى في العالم . وتأكيداً لقوة الأندلس في المنطقة أعلن عبد الرحمن الناصر عن قيام الخلافة الأندلسية سنة 316 هـ .
وذاع صيت الخليفة الأندلسي في الدنيا كلها وجاءت وفود ملوك أوروبا من كل حدب وصوب لكسب ود الخليفة .
وأقبلت رسل الإمبراطور قسطنطين السابع محملين بالهدايا الثمينة إلى خليفة المسلمين في الأندلس ، فانبهروا بما رأوا من جمال الزخرفة في قصر قرطبة .
كان الناصر ورعاً تقياً دائم الذكر لربه سريع الرجوع إليه ، وذات مرة حدث قحط شديد في الأندلس ، فلبس ثوباً خشناً وتذلل لربه وبكى واستغفر وقال : (هذه ناصيتي بيدك ، لا تعذب الرعية بي ، لن يفوتك شيء مني) .
قضى عبد الرحمن الناصر العامين الأخيرين من حياته في صراع مع المرض ، وتوفي في رمضان سنة 350 هـ بعد أن أمضى 50 عاماً في حكم الأندلس .
وقد وجدوا في خزانته ورقة كان قد كتبها بخط يده ، عد فيها الأيام التي صفت له دون كدر ، فوجدوها أربعة عشر يوماً فقط .
الاثنين، 12 يونيو 2017
18 رمضان 1438 هـ - هارون الرشيد
قدم إلينا هارون الرشيد في حكايات «ألف ليلة وليلة» في صورة الأمير شارب الخمر المولع بالجواري ، لكن هل هذه هي الحقيقة ؟
لقد نسجت هذه القصص الكاذبة لتشويه صورة هذا البطل المسلم ؛ الحاكم الذي أرعب الروم وأحنوا رؤوسهم له رهبة منه ، العابد الذي كان يصلي في اليوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا .
كان هارون الرشيد شجاعاً محباً للفروسية منذ صغره ، وكان يقود الحملات الحربية في عهد أبيه .
وعندما تولى خلافة الدولة العباسية ؛ هذه الدولة الممتدة من وسط آسيا حتى المحيط الأطلسي كان عمره 25 سنة .
قاد الخليفة الشاب هذه الأرض الواسعة فملأها عدلاً واستتب الأمن وكثر الخير .
كان الرشيد يتصدق من صلب ماله في كل يوم بألف درهم .
وكان محباً مكرماً للعلماء يسمع منهم المواعظ ويبكي عند الذكر .
ورحل الخليفة الرشيد حتى وصل عند الإمام مالك وجلس بين يديه طلباً للعلم .
يقول الإمام أبو معاوية الضرير : صب علي يدي بعد الأكل شخص لا أعرفه ، فقال لي : تدري من يصب عليك ؟ قلت : لا ، قال : أنا الرشيد .
وازدهرت البلاد في عهده ، فبنى المساجد الكبيرة ، وأسس في بغداد المكتبة الأسطورية (بيت الحكمة) وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات ، وخصصت فيها قاعات للدروس والمحاضرات .
فغدت بغداد تستقطب العلماء والفقهاء وطلاب العلم من شتى أنحاء الأرض ، حتى سمي عهده بالعصر الذهبي .
كان الرشيد كثير الحج والجهاد ، وكان يحج عاماً ، ويغزو عاماً . وإذا ذهب إلى الحج أخذ معه الفقهاء وأبنائهم ، وإذا لم يحج بعث بثلاثمائة رجل ليحجوا على نفقته الخاصة .
واضطرت إمبراطورية الروم في عهد الرشيد إلى طلب الهدنة أمام هجماته المتلاحقة ، فعقدت ملكة الروم معه صلحاً مقابل دفع الجزية السنوية .
فقام متمرد اسمه نقفور بالاستيلاء على الحكم ونقض المعاهدة ، وبعث برسالة وقحة إلى الرشيد جاء فيها :
(من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب ، أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ ، فحملت إليك من أموالها ، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن ، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها وافتد نفسك وإلا فالحرب بيننا وبينك) .
وما إن فرغ هارون الرشيد من قراءة تلك الرسالة حتى احمر وجهه الأبيض ، فتناول الرسالة وكتب على ظهرها :
(من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم ، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة ، والجواب ما تراه لا ما تسمعه) .
فانطلق هذا الصقر المسلم بنفسه بجيش ما عرفت الأرض مثله حتى وصل إلى هرقلة فألحق به هزيمة منكرة .
فأسرع نقفور إلى الرشيد يتوسل لطلب الهدنة بعد أن صار يناديه بأمير المؤمنين ، وأطلق سراح جميع الأسرى فلم يتبقى مسلم في الأسر .
ولما نزل الموت بالخليفة هارون أمر أن يأتوا بجنوده إليه كي يراهم . فلما جاءوا لا يكاد يحصي عددهم إلا الله بكى ثم رفع بصره إلى السماء وقال : (يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه) .
مات الرشيد أثناء غزوه الروم . وروي عن الفضيل بن عياض أنه قال : (ما من نفس تموت أشد علي موتاً من أمير المؤمنين هارون ، ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره) .
الأحد، 11 يونيو 2017
17 رمضان 1438 هـ - البخاري
كان الإمام إسحاق بن راهويه يلقي درسه عن حديث رسول الله ، فقال لطلابه : (لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم) ، ثم أكمل درسه .
ظلت هذه الجملة راسخة في ذهن فتى ممن حضر الدرس ، وعزم أن يقوم هو بهذه المهمة ؛ مهمة تدوين الحديث الصحيح .
إنه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري . ولد في بخارى إحدى مدن أوزبكستان الآن ، ونشأ يتيماً في حجر أمه التي قامت بتربيته أحسن تربية .
كان البخاري قد فقد بصره بعد ولادته ، لكن لم تقطع الأم الصالحة صلتها بالله ، فكانت تتودد إليه ليل نهار ؛ تدعوه سبحانه أن يرد بصر ولدها إليه .
وفي ليلة رأت في المنام الخليل إبراهيم عليه السلام فقال لها : (يا هذه ، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة دعائك) . فنهضت مسرعة إلى فلذة كبدها الصغير ، لتجد أن الله مجيب الدعوات قد رد إليه بصره .
ثم أخذت تدفع به إلى حلق العلم ، فحفظ كتاب الله وهو دون العاشرة ، ثم بدأ يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولما بلغ سن السادسة عشرة خرجت به هذه الأم المباركة إلى مكة للحج ، ثم تركته في أرض الحرمين الشريفين ينهل من معينها ويتعلم فيها .
وكان البخاري يحضر إلى درس شيوخه يسمع ولا يكتب ، فأقبل إليه زملائه فسخروا منه وعايروه بأنه لا يكتب شيئاً ، فقال لهم : اعرضوا علي ما كتبتم .
فقام يراجع الأحاديث التي كتبوها حديثاً حديثاً . فراجع لهم 15000 حديث عن ظهر قلب بمتونها وأسانيدها ، وهم يطابقون صحتها ويصوبون ما سجلوا في كتبهم .
كان البخاري يقول : (لا أعلم شيئاً أنفع للحفظ من نهمة الرجل ، ومداومة النظر) والنهمة هي الرغبة في الشيء ، ومداومة النظر هي التكرار .
ثم صار يلقي الدروس ويعقد مجالس للحديث ، واشتهر بعفة لسانه وكان يحتاط في ألفاظه ؛ خشية أن تكتب عليه غيبة . فلم يكن يتلفظ بعبارات مثل : فلان كذاب ، بل كان يستبدلها ويقول : منكر الحديث ، فيه نظر ، سكتوا عنه .
ثم بدأت رحلة كتابة الحديث الصحيح وبدأ يجمع أحاديث الرسول ، وكان يتحرى ممن يأخذ الحديث وقبل أن يقبل الرواية ، ولم يضع حديثاً في كتابه إلا عمل به .
وكان البخاري يعظم حديث رسول الله فما كان يكتب حديثاً إلا بعد أن يغتسل ثم يصلي ركعتين ، ويستخير رب العالمين .
وكان يراجعه مرة بعد أخرى ، ويقوم أحياناً ليلاً فيوقد السراج ويصنف حديثاً ثم ينام ، ثم يستيقظ فجأة فيقوم ويصنف حديثاً ثم يعود وينام ؛ يفعل ذلك في الليلة الواحدة من 15 إلى 20 مرة .
واستغرقت هذه الرحلة ستة عشر عاماً ، فخرج إلينا بكتابه الجامع الصحيح ، فيه ما يزيد عن 7000 حديث صحيح ، اختارها البخاري من بين 600000 حديث . وقد استحسنه شيوخه بعد أن عرضه عليهم ، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل .
صحيح البخاري هو أول كتاب مجرد للحديث الصحيح ؛ وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى .
لقد سخر الله عز وجل عبده البخاري ليقوم بمهمة تدوين السنة الشريفة كي تصل ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها إلي وإليك .
فرحم الله البخاري إمام السنة وحافظ حديث النبي ، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .
السبت، 10 يونيو 2017
16 رمضان 1438 هـ - الأئمة الأربعة
الإسلام دين يتناسب مع كل زمان ومكان ، دين فيه سعة يدعو أهل العلم إلى الاجتهاد في إيضاح الحق والتيسير على الناس دون أن تنتقض الأصول والثوابت .
ومع اتساع رقعة الإسلام في البلدان المختلفة ظهرت عند الناس مسائل جديدة كانت بحاجة إلى حكم شرعي .
فأخذ مجموعة من العلماء على عاتقهم محاولة استنباط الأحكام الشرعية على ضوء القرآن والسنة ووفق قواعد فقهية محددة .
وبرز أربعة أئمة اتفقوا على كل الأصول الفقهية ، واختلفوا في الفروع ، فأدى ذلك إلى نشأة المذاهب الأربعة .
المذهب الحنفي (ينسب إلى الإمام أبي حنيفة ، ولد في الكوفة سنة 80 هـ ، وتوفي في بغداد سنة 150 هـ) .
أول الأئمة هو الإمام أبو حنيفة النعمان ؛ فقيه أهل العراق . وكان الحديث في زمانه قليلاً ، وكذلك كان الحديث المكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، فكان أبو حنيفة لا يقبل الحديث إلا بشروط ضيقة ولهذا سمي بإمام أهل الرأي (الاجتهاد) .
نشأ مذهبه في العراق ، وهو حالياً مذهب غالبية أهل المشرق : الهند وباكستان وأفغانستان وتركيا ، ومنتشر بقوة في العراق والشام ومصر .
المذهب المالكي (ينسب إلى الإمام مالك ، ولد في المدينة المنورة سنة 93 هـ ، وتوفي بها سنة 179 هـ) .
وثانيهم هو الإمام مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة . نشأ في المدينة المنورة وكان عالماً في الفقه وإماماً حافظاً من أئمة الحديث ، وضرب بعلمه المثل فقيل : (لا يفتى ومالك بالمدينة) .
وذات يوم مر على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابه : (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) .
ويعد كتابه (الموطأ) أول مؤلف في تاريخ الإسلام أسرد فيه أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومسائل العلم ، ومذهبه اليوم هو مذهب معظم أهل المغرب الإسلامي .
المذهب الشافعي (ينسب إلى الإمام الشافعي ، ولد بمدينة غزة سنة 150 هـ ، وتوفي بمصر سنة 204 هـ).
وثالث الأئمة هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي ، ولد في غزة ثم انتقل إلى مكة وحفظ القرآن فيها . تتلمذ على يد الإمام مالك في المدينة وعلى تلاميذ أبي حنيفة في العراق فجمع بين طريقة أهل الحديث وأهل الرأي .
وكان الشافعي مضرب المثل في ذكائه وقوة ذاكرته وسرعة فهمه . ثم ارتحل إلى مصر ورأى فيها نظماً وعادات تخالف ما رآه في غيرها فوضع بعض الاجتهادات الجديدة ، ومذهبه اليوم منتشر بقوة في مصر وإفريقيا وبلاد الشام .
المذهب الحنبلي (ينسب إلى الإمام أحمد بن حنبل ولد في بغداد سنة 164 هـ ، وتوفي بها سنة 241 هـ).
ورابعهم هو الإمام الحافظ أحمد بن حنبل . يقال اثنان حفظ الله بهما الدين : أبو بكر الصديق يوم الردة ، وأحمد بن حنبل يوم المحنة ؛ فقد وقف كالطود الشامخ أمام فتنة خلق القرآن التي نشرتها المعتزلة .
تتلمذ على يد الإمام الشافعي ، وكان من أكثر الناس حفظاً للحديث ومعرفة برواياته وألفاظه . ومذهبه اليوم هو المذهب السائد في الجزيرة العربية وعند بعض أهل الشام ومصر .
قال الشافعي : (الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة) .
وقال أحمد : (مالك سيد من سادات العلم ، وهو إمام في الحديث والفقه) .
وقال أحمد : (كان الشافعي كالشمس للدنيا ، وكالعافية للناس) .
وقال الشافعي : (خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد) .
انظروا إلى جمال الإسلام ، فعلى الرغم من اختلاف هؤلاء الأربعة الكبار في آرائهم إلا أن روح الحب والأخوة كانت قائمة بينهم ، فضربوا بذلك أروع صور التعايش بين أصحاب الأفكار المتنوعة .
عاش اليهود والنصارى بمختلف طوائفهم بكل سلام وطمأنينة في كنف دولة الإسلام .
بينما كان ملوك أوروبا يفرضون على شعوبهم اتباع نفس المذهب الذي يتبعه الملك ، ومن خالف ذلك فمصيره القتل أو النفي .
فالحمد لله على نعمة الإسلام الذي علم الدنيا فن التعايش السلمي بين أصحاب الآراء المختلفة .
الجمعة، 9 يونيو 2017
15 رمضان 1438 هـ - عمر بن عبد العزيز
في يوم من الأيام دخل صبي صغير عند والده الذي كان يملك اصطبلاً كي يشاهد الخيول .
وفجأة ضرب فرس وجه هذا الصبي فشجه . فقام أبوه يمسح الدم عنه ثم قال له : (إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد !) .
لماذا تفائل والد الفتى عندما رأى هذا الأمر ؟
كان الفاروق عمر بن الخطاب قد أخبر الناس برؤيا تكررت عليه في منامه : (إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً) .
هذا الفتى هو حفيد الفاروق ، فجدته لأمه هي المرأة الهلالية صاحبة الموقف الأشهر عندما سمعها عمر ليلاً تأبى أن تستجيب لطلب أمها بأن تغش اللبن ، فزوجها الفاروق عمر لابنه عاصم .
إنه العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز . نشأ في المدينة المنورة وكان محباً للعلم متبعاً للسنة ، وكان من أشياخه الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب .
وسمع من أنس بن مالك رضي الله عنه الذي أثنى على عمر كثيراً فقال : (ما صليت خلف أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة به من هذا الفتى) .
قال الإمام أحمد بن حنبل : (يروى في الحديث ؛ إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز) . [إسناده صحيح : الألباني في السلسلة الصحيحة عن أبي هريرة].
تولى إمارة المدينة وراح الأمير الشاب ينشر العدل بين رعيته فأحبه الناس . وكون مجلس شورى من عشرة من فقهاء المدينة ، وأقر أنهم أصحاب الحق في اتخاذ أي قرار فما كان يقطع أمراً إلا برأيهم .
ولما توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك أوصى بالخلافة إلى عمر بن عبد العزيز . فثقل الأمر عليه ثم قام أمام الناس فقال : (أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه ، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم) .
فصاح الناس صيحة واحدة : (قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك) . فتولى الخلافة ، وفتحت زخارف الدنيا كلها أمامه فماذا فعل الخليفة الجديد ؟
بدأ أولاً بنفسه ودعا زوجته فاطمة ابنة الخليفة عبد الملك بن مروان فقال لها : (يا فاطمة ، إما أن تختاري الذهب والجواهر ومتاع الدنيا ، وإما أن تختاري عمر بن عبد العزيز) . فماذا قالت فاطمة ؟
والله لا أختار عليك أحدًا يا أمير المؤمنين ، فأمر بالحلي فحمل إلى بيت مال المسلمين . فتركت سيدة القصور الحياة المترفة واختارت حياة الزهد لتعيشها مع زوجها .
ثم قام برد المظالم إلى أهلها ، وعزل جميع الولاة الظالمين . وكان يؤدي المهور من بيت مال المسلمين لمن لم يستطع توفير ذلك ، وكان ينفق على الذمي إذا كبر ولم يكن له مال .
وعندما بسط العدل ووصلت الحقوق إلى أهلها استغنى الناس وصار الرجل يأتي بالمال العظيم كي يتصدق به فلا يجد من يعطيه فيرجع بماله .
وخاف عمر من ضياع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلاطه بالمكذوب وذهاب العلماء فأصدر أمراً إلى الأئمة الثقات بتدوين الحديث الشريف وجمع سنن الرسول .
تمتع الخليفة عمر بسمعة طيبة تجاوزت حدود دولة الإسلام ، وعندما وصل نبأ موت الخليفة عمر إلى إمبراطور الروم بكى بكاءً شديدًا وقال : (مات رجل عادل ، ليس لعدله مثيل . عجبت لمن أتته الدنيا منقادة ، حتى صارت في يده ثم تخلى عنها) .
رحم الله عمر بن عبد العزيز ؛ أقبلت عليه الدنيا فأعرض عنها رغبةً في النعيم المقيم بجوار رب العالمين .
الخميس، 8 يونيو 2017
14 رمضان 1438 هـ - طارق بن زياد
أكملت الدولة الأموية مسيرة الخلفاء الراشدين في نشر الإسلام في شمال إفريقيا . وكانت أرض الجزائر المركز الذي انطلقت منه الجيوش لفتح بقية الدول الإفريقية .
وأنجبت هذه الأرض المباركة بطلاً لا يزال اسمه محفوظاً وإلى يومنا هذا في أرض قارة أوروبا ؛ إنه الفارس المسلم طارق بن زياد .
أسلم طارق بن زياد على يد أمير المغرب موسى بن نصير ، وتعلم القراءة وتفقه في الدين وحفظ سوراً من القرآن الكريم .
برزت براعته وشجاعته الفائقة في القتال ، فولاه موسى بن نصير قيادة جيشه ليكمل مسيرة الفتوحات الإسلامية ، فوصل حتى مدينة طنجة أقصى المحيط الأطلسي ، وانتشر الإسلام في أرض المغرب .
ثم جاء أمر الخليفة بفتح الأندلس ، فانطلق القائد طارق بن زياد مع فرسان المغرب الأبطال وعبر معهم المضيق الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ، فحمل هذا المضيق اسمه منذ أن عبره حتى الآن .
ثم نزل في الموضع الذي لا يزال معروفاً إلى اليوم وحتى في اللغة الإسبانية بجبل طارق .
ثم تقابل جيش طارق مع حامية مملكة القوط الغربيين التي كانت تسيطر على شبه جزيرة أيبيربا والتي تكون الآن دولتي اسبانيا والبرتغال .
فعرض عليهم الدخول في الإسلام أو الجزية أو القتال ، فأبت تلك الحامية إلا القتال . فألحق طارق بهم هزيمة ساحقة وهرب قائد الحامية .
وتعجب قائد الحامية من أمر هؤلاء المسلمين فقد كانوا يقاتلون كالأسود المفترسة في الصباح ، ثم يقضون ليلهم يصلون لربهم ركعاً سجداً ؛ يقرؤون كتاباً تسيل دموعهم وهم يتلونه .
هذا ما دفعه لأن يرسل رسالة عاجلة إلى ملك القوط في طليطلة كتب فيها جملة واحدة : (أدركنا يا لذريق ؛ فإنه قد نزل علينا قوم لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء ؟) .
فجن جنون لذريق وانطلق بجيش قوامه 100 ألف فارس مجهزين بأحدث الأسلحة وأمرهم أن يجلبوا معهم حبالاً كثيرة لربط المسلمين بعد أن يهزمهم .
فتقابل مع جيش طارق المكون من 12 ألف مقاتل مسلم فقط في منطقة تسمى وادي برباط في 28 رمضان سنة 92 للهجرة .
ودارت معركة من أشرس المعارك في لقاء غير متكافئ من حيث العدد والعدة ، وعلى مدى ثمانية أيام متصلة فيها عيد الفطر ، انتهت بنصر مؤزر للمسلمين .
وانطلق طارق يفتح المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى دون قتال بعد ما سمع شعب الأندلس عن سماحة الحكم الإسلامي .
كان موسى بن نصير يتابع سير الجيش الإسلامي بقيادة القائد طارق في الأندلس ، فعبر موسى إلى الأندلس مع 18 ألف جندي وسار في غير الطريق الذي سلكه طارق بن زياد ليفتح بلادًا جديدة .
فسار كل منهما في ناحية حتى أتما فتح الأندلس ، وانتشر الإسلام في رحاب أرض الأندلس .
وطويت صفحة الظلم والجهل ، وبدأت صفحة جديدة من صفحات الرقي والتحضر ، وأسس المسلمون خلال تلك الفترة حضارة عظيمة في البلاد الأندلسية حتى غدت منارة أوروبا .
كان طارق وفياً في عهوده التي أعطاها للناس ، وبلغ من رحمته أنه أعاد للأمراء أملاكهم التي كانت لهم .
وكان لطارق فضل لا ينسى على اليهود ، فقد أصدر القوط أمراً بتنصير كل أبناء اليهود ، وأمروا بمصادرة أملاكهم ، فكان فتحه للأندلس إنقاذاً لهم وأعطى لهم الأمان .
لقد كان طارق بن زياد على يقين من نصر الله حتى في أحرج الأوقات ، واستطاع بفضل الله أن يوصل رسالة الإسلام إلى شعب الأندلس .
13 رمضان 1438 هـ - عبد الله بن سعد بن أبي السرح
قال صلى الله عليه وسلم : (إن القلوب بين اصبعين من أصابع الله ، يقلبها كيف يشاء) [الألباني ؛ حسن على شرط مسلم].
ما سمي القلب قلباً إلا من كثرة تقلبه ، فتارة على حال وتارة على حال أخرى .
ونجمنا اليوم تقلب حاله من الكفر إلى الإيمان ، ثم اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ليكون كاتباً للوحي ، ثم ارتد ، ثم أسلم ثانية ، ثم فاضت روحه وهو في أعظم العبادات .
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، أسلم قبل صلح الحديبية وكان من القلة الذين يحسنون الكتابة فاختاره صلى الله عليه وسلم أن يكون من كتاب الوحي .
لكن نفسه ضعفت وأزله الشيطان فارتد عن الإسلام ورجع إلى قريش .
وفي سنة 8 للهجرة كان فتح مكة ، فندم عبد الله وتوسط له عثمان بن عفان رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل الرسول شفاعته وعفا عنه ، فأسلم عبد الله من جديد وحسن إسلامه .
وكان عبد الله يفر من النبي خجلاً كلما رأه ، فأخبر عثمان النبي بذلك ، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال : (أولم أبايعه وأؤمنه ؟) . فقال : (بلى ولكنه يتذكر عظيم جرمه في الإسلام) . فقال صلى الله عليه وسلم : (الإسلام يجب ما كان قبله) .
فطالما أن العبد تاب ورجع إلى الله فإنه سبحانه يقبل توبته ويعفو عنه ، وإن الله يحب التوابين .
شارك عبد الله في الفتوحات الإسلامية ، وكان قائد الميمنة في فتح مصر في جيش عمرو بن العاص . ثم أصبح والياً على مصر . ووصلت فتوحات المسلمين إلى ليبيا ، ثم فتحت تونس والتي كانت تسمى بإفريقية ، ثم توجه جنوباً ففتح فتوحاً عظيمة في بلاد النوبة والسودان .
ومع تساقط قلاع الدولة البيزنطية تحت ضربات المسلمين ، قرر الروم خوض معركة مصيرية للقضاء نهائياً على الإسلام ، وقرر إمبراطور الروم قسطنطين أن يقود بنفسه أسطولاً بحرياً مكوناً من 1000 سفينة .
عندها قاد القائد عبد الله الأسطول الإسلامي الناشئ والمكون من مائتي سفينة فقط ، ليخوض مع أسطوله تجربة القتال في البحر أمام الإمبراطورية البيزنطية سيدة البحر المتوسط لمئات السنين .
وبات الفريقان تلك الليلة في عرض البحر ، وقام المسلمون الليل يصلون ويدعون .
ولما صلى المسلمون الفجر بدأت معركة ذات الصواري ؛ المعركة الحاسمة ، وبدأ التراشق بالسهام ، ثم أمر عبد الله جنده أن يقتربوا من سفن أعدائهم كثيراً حتى لامست سفنهم سفن عدوهم .
ثم نزل الأبطال إلى الماء وربطوا سفنهم بسفن الروم بحبال متينة ، فبدأ القتال بالسيوف ، واستشهد من المسلمين الكثير وقتل من الروم ما لا يحصى .
وكاد الإمبراطور قسطنطين أن يقع أسيراً في أيدي المسلمين لكنه فر هارباً والجراحات تملئ جسده . فكتب الله النصر للمسلمين وانتهت أسطورة بحر الروم إلى الأبد .
قال صلى الله عليه وسلم : (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله) فقيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال : (يوفقه لعمل صالح قبل الموت) [صحيح الترمذي : الألباني].
في ليلة من الليالي ؛ قال عبد الله لمن حوله : أصبحتم ؟ قالوا : لا . قال : إني لأجد برد الصبح . ثم قال : اللهم اجعل خاتمة عملي الصبح .
فتوضأ ثم صلى الفجر ، فصلى الركعة الأولى ثم الركعة الثانية ، ثم تشهد فسلم عن يمينه ، ثم توفاه الله عز وجل قبل أن يسلم عن يساره .
توفي وهو يصلي وسيبعث يوم القيامة وهو يصلي وهو في تشهده . رزقه الله بخاتمة حسنة ؛ وصدق مع الله في توبته فصدقه الله عز وجل .
الثلاثاء، 6 يونيو 2017
12 رمضان 1438 هـ - المثنى بن حارثة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتقي مع القبائل التي تأتي إلى الحج يطلب منهم حمايته كي يبلغ رسالة الله .
وكان من بين القبائل قبيلة اسمها بني شيبان ، فتلا عليهم صلى الله عليه وسلم آيات من القرآن الكريم .
كان من بينهم شيخ بني شيبان وصاحب حربها ؛ المثنى بن حارثة الشيباني . فقال المثنى : (قد سمعت مقالتك ، واستحسنت قولك يا أخا قريش) .
(إنا نزلنا بين صيرين ، أما أحدهما فأرض العرب ، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى) . فقبيلة بني شيبان تسكن حدود العراق بين جزيرة العرب ودولة فارس .
ثم قال : (وإنا نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثاً ولا نؤوي محدثاً ، ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك . فإن أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي العرب فعلنا) .
قال صلى الله عليه وسلم : (ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق ؛ إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه) .
ثم قال : (أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم ، أتسبحون الله وتقدسونه ؟) .
كادت قبيلة بني شيبان أن تنال لقب الأنصار ، فقد وافق المثنى أن يدافع عنه صلى الله عليه وسلم ضد كل العرب ؛ لكن كان عليهم عهد عند دولة فارس .
ومضت الأيام وعقد صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع قريش سنة 6 للهجرة ، فبدأ يراسل الملوك ، وكان ممن أرسل له كسرى فارس .
فاستقبل كسرى رسالة النبي بكل تكبر ثم مزق الرسالة وقال : (عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي) . ولما بلغ ذلك حبيبنا صلى الله عليه وسلم قال : (مزق الله ملكه) .
دخل الإيمان في قلب المثنى وأسلم مع قومه في سنة 9 للهجرة . وبعد إسلامه مباشرة قام يغزو مع فرسان قبيلته إمبراطورية فارس الكبرى فكان أول من قاتل الفرس من المسلمين .
واصل المثنى الانتصارات في العراق ، وخاض عدة معارك أشهرها معركة بابل ، وفيها أرسل كسرى فارس شهربراز بن أردشير كتاباً أراد به كعادة الفرس احتقار العرب ، جاء فيه :
(إني قد بعثت إليكم جنداً من وحش أهل فارس ، إنما هم رعاء الدجاج والخنازير ، ولست أقاتلك إلا بهم) .
فكتب إليه أسد العراق المثنى رسالة تفيض منها روح العزة الإسلامية :
(من المثنى بن حارثة الشيباني إلى شهربراز بن أردشير ، إنما أنت أحد رجلين ؛ إما باغ فذلك شر لك وخير لنا ، وإما كاذب فأعظم الكاذبين فضيحة عند الله وفي الناس الملوك ، وأما الذي يدلنا عليه الرأي فإنكم إنما اضطررتم إليهم ، فالحمد لله الذي رد كيدكم إلى رعاة الدجاج والخنازير) .
فجزع أهل فارس من هذا الكتاب وكيف استهزأ بهم وأن انتهى أمر امبراطورية فارس العظيمة التي يعمل لها ألف حساب إلى رعاة الدجاج والخنازير .
ولجأ الفرس في المعركة إلى فيل ضخم ، فأحدث اضطراباً في صفوف المسلمين وتفرقت الخيول التي كانت تخاف من الفيلة بطبيعتها .
فجأة لاحظ المسلمون فارساً يقتحم صفوف الفرس متجهاً نحو ذلك الفيل .
إنه هو القائد المثنى بن حارثة يتقدم بنفسه نحو الفيل العملاق ليطعنه طعنة أطاحت به أرضاً ، فتدافع الفرس يريدون الفرار من أرض المعركة ، فلحق المسلمون بهم وتحقق النصر الكبير .
وتتابعت الانتصارات وحقق المثنى انتصاراً عظيماً في معركة البويب الباسلة . واستشهد المثنى بعد أن اشتد به جرح عميق كان قد أصيب به ، وبعد أن شاهد نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم تتحقق وأن الله سيورثهم أرض فارس .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
-
هيا نعش #رمضان 4 - #16 اتقوا الشبهات --------------------------------------------------- تصور نهراً عميقاً ومخيفاً ، أنت تقف على أرض ال...
-
هيا نعش رمضان 3 : 5 رمضان 1433 هـ الحلقة 5 : المسجد بيت كل تقي ******************************** المساجد هي أحب البقاع إلى الله عز وجل ،...