********************************
8 رمضان 1437 هـ - شجاعة النبي
********************************
لما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة بدت شجاعته حين خرج أمام الناس وقال : (إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) .
هو يعلم ما الذي سيواجهه ، ومع ذلك لم يخف صلى الله عليه وسلم . أوذي وعذب وهدد بالقتل ومع ذلك لم يتأخر لحظة عن مواجهة الناس
ودعوتهم ، بل ظل يصلي ويجهر بالقرآن أمام أعين كبار قريش .
كان أبي بن خلف يهدد الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول : يا محمد ، إن لي فرساً أعلفه كل يوم علفاً كثيراً حتى أقتلك عليه . فرد عليه النبي
صلى الله عليه وسلم بكل شجاعة : (بل أنا الذي سأقتلك إن شاء الله) .
ولما كانت معركة أحد ، كان أبي بن خلف مع من كان مع قريش ، فصاح قائلاً : يا محمد ، لا نجوتُ إن نجوتَ ،
فأراد الصحابة أن يقتلوه فقال صلى الله عليه وسلم : (دعوه) ، فلما اقترب أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمحاً فرماه بالرمح فأصابه في
عنقه ، ولا يزال ينزف ويتعذب حتى مات وهو راجع إلى مكة .
وصف الله أنبيائه في القرآن بالشجاعة ؛ بأنهم يبلغون دين الله ولا يخافون إلا الله .
قال الله تعالى : (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله)
[سورة الأحزاب : 39].
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (كنا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منا أحد أقرب
إلى العدو منه) [إسناده صحيح في تخريج الإحياء عن علي بن أبي طالب].
وفي غزوة حنين ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع مثل عرفته البشريَّة في الشجاعة ؛ وذلك حينما فرَّ جيش المسلمين من ساحة
القتال ، وما بقي معه إلا قرابة عشرة أشخاص ،
فنزل صلى الله عليه وسلم من على بغلته ودعا واستنصر ، وهو يردد : (أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ، اللهم نزل نصرك) [صحيح
مسلم]. فما كان أحد يومئذ أشجع منه صلى الله عليه وسلم .
علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الإقدام على الشجاعة ، أن يكون الإنسان شجاعاً ، لا أن يكون جباناً يخاف من أي شيء .
قال صلى الله عليه وسلم : (ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه) [الألباني في صحيح ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري].
ومن نماذج شجاعته صلى الله عليه وسلم أنه يقف بجوار المظلوم ويأخذ حقه من الظالم .
اشترى أبو جهل إبلاً من رجل ورفض أن يعطيه حقه .
هذا الرجل غريب عن مكة يأتي إليها كي يبيع بضاعته ولا يعرف أحداً فيها . فقالوا له : استشفع بمحمد صلى الله عليه وسلم . هذا الرجل لا
يدري ما بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . فجاء إليه وأخبره الخبر فانطلق معه صلى الله عليه وسلم .
فضرب باب أبي جهل ، فقال : من هذا ؟ قال : (محمد ، فاخرج إلي) . يقول أبو جهل : والله ما أن ضرب عليّ بابي وسمعت صوته فملئت
رعباً . فخرج إليه فقال صلى الله عليه وسلم : (أعطي هذا الرجل حقه) . فقال أبو جهل : نعم ، لا تبرح حتى أعطيه الذي له ، فأعطاه حقه كله
.
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات لا يدعهن ومنها أنه كان يستعيذ من الجبن .
(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والبخل والجبن وضلع الدين ، وغلبة الرجال) [صحيح البخاري] .
عش كالمصطفى صلى الله عليه وسلم وكن مؤمناً شجاعاً قوياً .
يكفي المؤمن الشجاع شرفاً أن الله عز وجل يحبه .
قال صلى الله عليه وسلم : (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير) [رواه مسلم].
********************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق