********************************
11 رمضان 1437 هـ - ابتسامة النبي
********************************
كان الصحابي الجليل زاهر بن حرام يعيش في البادية ويأتي إلى المدينة كي يبيع ويشتري ، وكان يحب الرسول صلى الله عليه وسلم .
في يوم من الأيام رأه النبي صلى الله عليه وسلم وكان يبيع بضاعةً له في سوق المدينة ، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد ومسكه من
خلفه . فقال زاهر وهو لا يدري من مسكه : أتركني أتركني !
فنادى صلى الله عليه وسلم : (من يشتري العبد ؟ من يشتري العبد ؟) والصحابة ينظرون ويضحكون .
فانتبه زاهر فإذا الذي يمسكه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاطمئنت نفسه . ثم تركه صلى الله عليه وسلم .
فقال زاهر : يا رسول الله ، تجدني كاسداً أي أنا رخيص من الذي سيشتريني . فقال صلى الله عليه وسلم : لكنك عند الله لست بكاسد - أنت
عند الله غالي - .
فكانت عادته صلى الله عليه وسلم أن يدخل البسمة في وجوه من حوله ، ويقول : (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) [رواه الترمذي].
لقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر الذي لا يحتاج منا إلى كثير جهد وعناء .
كان ألين الناس لا يحجب ابتسامته عن أي إنسان يراه في طريقه ، من أصحابه أو حتى من أعدائه ،
من أي إنسان سواءً كان مسلماً أو غير مسلم يعرفه أو لا يعرفه .
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : (ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي) [رواه البخاري]
عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم) [رواه الترمذي].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه بعد صلاة الفجر ، فكانوا يتحدثون ويذكرون أشياء كانت في الجاهلية فيضحكون ويبتسم .
كان يضحك ضحكاً معتدلاً ، يضحك حتى تبدو نواجذه أي أضراسه .
يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه في وصف النبي : (كان لا يضحك إلا تبسماً) [رواه الحاكم].
قال صلى الله عليه وسلم : (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) [صحيح الترغيب للألباني].
فإسعاد الناس لا يكون بالمال ، بل إن اللطف والابتسامة وبسط الوجه والخلق الحسن هي الطريق الهين اللين كي تكسب القلوب .
وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنك تداعبنا - أي تمزح معنا وتضحك معنا - فقال صلى الله عليه وسلم : (
إني وإن داعبتكم فلا أقول إلا حقاً) [صححه الألباني في صحيح الجامع].
في يوم من الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً مع زوجته سودة فدخلت عليهما عائشة رضي الله عنها وبيدها طعام طبخته ،
فقالت لسودة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس بينهما : كلي منه ، فقالت سودة : لا أريد . فقالت : كلي وإلا لطخت به وجهك . قالت : لن أكل .
فأخذت عائشة بيدها شيئاً من الطعام ولطخت به وجهها . فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال لسودة : خذي منه ولطخي به وجهها ،
فلطخت وجه عائشة ، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم .
عش كالمصطفى صلى الله عليه وسلم متفائلاً مبتسماً ولا تجعل الحزن فوقك يرتسم .
لقد كان صلى الله عليه وسلم ضحاكًا بساماً ، يربي ويهذب بالابتسامة والممازحة .
إذا أصابك هم فابتسم وإذا أصابك ألم فابتسم وإذا وجدت ضيقاً في العيش فابتسم ، فابتسامتك هي يقينك بأن الله عز وجل لا ينزل بك إلا خير
ولا يعطيك إلا خير .
********************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق