الثلاثاء، 30 مايو 2017

5 رمضان 1438 هـ - خديجة بنت خويلد

نزل الأمين جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم حاملاً رسالة عاجلة وسلاماً مخصصاً من الله رب العالمين .
قال جبريل عليه السلام : (يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ، ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب) . [صحيح البخاري عن أبي هريرة].
لقد أرسل الله عز وجل لها التحية والبشارة من فوق سبع سماوات محمولة من أمين السماء جبريل إلى أمين الأرض محمد ليقوم بدوره بتبليغ التحية والبشارة الكريمة إلى سيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد .
ترى ماذا قدمت أم المؤمنين خديجة لتنال هذا الشرف العظيم ؟
لقد كانت السيدة خديجة بمثابة الحصن المنيع الذي حمى الإسلام في بداية نشأته .
فبعد أن بعث الله بالأمين جبريل إلى زوجها محمد صلى الله عليه وسلم وجاءه بالوحي لأول مرة وهو يتعبد في غار حراء ، جزع الرسول صلى الله عليه وسلم من هول ما رأى وأسرع إلى بيته .
فاستقبلته الزوجة الوفية خديجة ؛ تلك المرأة التي زملته بالرداء لتهدأ من روعه ، ثم سمعت منه ما قصه عليها .
فقالت له بصوت حنون ومطمئن : (أبشر ، فو الله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق)
[صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين].
فكانت أم المؤمنين خديجة بذلك أول من آمن بدعواه ووقفت بجانبه وواسته بكل ما تستطيع وبذلت نفسها ومالها في سبيل تبليغ الرسالة .
إنها الزوجة المحبة التي ما سمع منها النبي صلى الله عليه وسلم صوتاً مرتفعاً طيلة ربع قرن من الحياة الزوجية الهانئة .
إنها المرأة العظيمة التي كانت تصعد جبال مكة الشاهقة لتضع الطعام والشراب للنبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء ثم تتركه هانئاً بخلوته .
هي أول من قامت بالدفاع عن الإسلام وعن رسول الإسلام منذ الدقائق الأولى للبعثة المحمدية .
لقد امتلكت قلباً داعماً ومواسياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ لحظة الإسلام الأولى .
كانت الإنسانة التي صدقته يوم أن كذبه الناس ، وواسته يوم أن هجره الناس ، وساندته يوم أن تخلى عنه الناس .
كانت تواسيه وتثبته وتخفف عنه بعد أن يستهزئ به كفار مكة ؛ ليجد فيها معنى الحنان والطمأنينة .
وحين حاصر أهل مكة المسلمين في شعب أبي طالب لم تتخلى عن زوجها في تلك الظروف الصعبة بل اختارت أن تدخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب لتعاني معه من الحصار .
وتحملت معه مشقة الجهد والعناء وعانت معه الجوع والعطش على الرغم من كبر سنها .
ولم تقف مكتوفة اليدين ، بل قامت بعمليات سرية لإدخال الطعام إلى المسلمين مستعينة بابن أخيها حكيم بن حزام .
وبعد ثلاث سنوات من الجوع والحصار مرضت السيدة خديجة التي ناهزت الخامسة والستين من عمرها متأثرة بما أصابها من جوع وإرهاق .
فسلمت هذه الإنسانة الرائعة روحها لبارئها ، وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإنسانة التي ملكت عليه قلبه ووجدانه وعلى أعز مخلوقة على قلبه حزناً شديداً .
وأنزلها هذا الزوج الوفي بنفسه في حفرتها ليدخلها القبر بيديه ولتنتهي حياة هذه المرأة المخلصة قدوة نساء الإسلام التي ضحت بكل ما تملك دفاعاً عن الإسلام ورسوله .
فرضي الله عن أم المؤمنين خديجة وجزاها عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق