1 رمضان 1438 هـ - أبو بكر الصديق
بعث الله عز وجل الأنبياء إلى الناس برسالة التوحيد عبر جميع العصور ، فآمن بهم من آمن وكفر بهم من كفر .
ولكن أغلب أولئك المؤمنين وذريتهم انحرفوا عن دين الله بعد موت أنبيائهم ، وحرفوا رسالة الله عن قصد أو غير قصد .
فأشرك معظم العرب بالله بعد موت إبراهيم عليه السلام واتخذوا لأنفسهم أصناماً .
وعبد النصارى نبي الله عيسى بعد أن رفعه الله إليه .
بل إن بني إسرائيل عبدوا العجل لمجرد أن غاب موسى عنهم أربعين يوماً فقط .
ولما كانت رسالة محمد خاتم الأنبياء هي آخر رسالة تبعث للبشر ، أصبح ضياع هذه الرسالة ضياعاً لمستقبل البشرية .
فبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم انقسم الناس ما بين مصدق ومكذب وكادت الأمة أن تضل لولا أن سخر الله لهذه البشرية أبا بكر الصديق ، ليقوم أمام المسلمين ويبين لهم أعظم قاعدة عرفتها البشرية بعد الأنبياء :
(من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) .
لقد كان الصديق هو أول إنسان يحمل شعلة التوحيد التي تركها الأنبياء بعد انقطاع الوحي ، ليكون صاحب السبق في تحمل عبء الدعوة التي أوكلت لأول مرة في التاريخ إلى البشر .
فمن هو أبو بكر الصديق ؟
الصديق هو خير الأمة بعد الأنبياء .
سمي بالصديق لتصديقه للرسول في وقت تخلى عنه من حوله ؛ صدقه في حادثة الإسراء والمعراج من أول لحظة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي) [رواه البخاري عن أبي الدرداء].
هو أول رجل يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد تحمل مسؤولية الدعوة منذ أول يوم أسلم فيه ليسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة .
وهو الإنسان الوحيد الذي اختاره الله عز وجل من فوق سبع سماوات ليصحب النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة .
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت أعداد كبيرة من القبائل العربية عن الإسلام ؛ وقل عدد المؤمنين ، فارتاب الصحابة في شأن هؤلاء المرتدين .
إلا أن أبا بكر خليفة رسول الله قرر التصدي إليهم بالقوة والحزم ، وأخذ يقاتل هذه القبائل حتى رجعت جزيرة العرب بأكملها إلى دين الله .
والصديق هو أول من جمع القرآن ، فقد قتل عدد كبير من حفظة كتاب الله في معارك المرتدين ، فقرر الصديق بعد مشورة من الفاروق عمر أن يجمع القرآن الكريم .
ثم أكمل الصديق المشوار لنشر رسالة الإسلام إلى الناس . وبعد أن رفض الفرس والروم السماح لدعاة الإسلام بنقل رسالة التوحيد إلى شعوبهم ، اتخذ الصديق قراراً عجيباً .
لقد قام الصديق بإنجاز لم يسبقه إليه أحد في التاريخ ، فقد قاد دولة أقصى مساحتها جزيرة العرب لقتال جيوش أعظم قوتين عسكريتين في ذلك الوقت : فارس والروم .
لقد كان للصديق عزيمة أقوى من الجبال ؛ لا يهزه عرش كسرى ولا يخيفه ملك قيصر .
فأمر الصديق بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح بلاد العراق وبلاد الشام في آن واحد .
وما هي إلا سنوات من إعلان الصديق الحرب على أعظم قوتين عرفهما التاريخ حتى أصبحت دولة الإسلام هي الدولة الأولى في العالم بأسره .
رحمك الله يا أبا بكر وجزاك الله خيراً لما قدمته لأجل أن تصل إلينا رسالة النبي سليمة صافية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق