الاثنين، 29 مايو 2017

4 رمضان 1438 هـ - علي بن أبي طالب

في ليلة الهجرة ، اجتمع فتيان قريش عند بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وبيد كل واحد منهم السيف يريدون قتل رسول رب العالمين .
فكان لا بد أن يعرض شخص ما حياته للخطر ليوفر الحماية للنبي صلى الله عليه وسلم ، فمن هو البطل الذي أعد نفسه لأن يقتل بدلاً من النبي ، ونام في فراشه وتغطى ببردته ؟
إنه الفتى الشجاع علي بن أبي طالب ، أول من أسلم من الصبيان ، الشاب المقدام الذي لا يهاب أشجع الفرسان وأقواهم .
ففي غزوة الخندق وقف فارس الجزيرة العربية عمرو بن عبد ود الذي كانت تهابه العرب ونادى في المسلمين : هل من مبارز ؟ فقام إليه علي الشاب الشجاع .
فقال عمرو : يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك ، فو الله ما أحب أن أقتلك .
فرد علي : ولكني والله أحب أن أقتلك .
فغضب عمرو ورفع السيف كأنه شعلة نار وبدأت المبارزة بينهما وثار الغبار من حولهما واختفيا عن الأنظار .
فجأة سمع الناس صوت التكبير ؛ لقد انتصر علي .
وفي فتح خيبر تقدم المسلمون إلى حصون اليهود وحاولوا اختراقها وظلوا أياماً يحاصرونها .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) .
فبات الصحابة وقد تاقت نفوسهم إلى هذا الشرف . ولما حل الصباح جاءوا إلى النبي كلهم يتمنى أن يكون هو الرجل .
فقال صلى الله عليه وسلم : أين علي بن أبي طالب ؟ فكان علي هو البطل الذي حمل الراية .
فانطلق الإمام علي وبيده الراية فخرج إليه من الحصن رجل اسمه مرحب وكان رجلاً قوياً وتحدى المسلمين للمبارزة ، فبدآ يتبارزان واشتد القتال بينهما .
وما هي إلا ضربة من الإمام علي تصرع الرجل . وانهار اليهود وانخفضت معنوياتهم وفتح الحصن وتحقق النصر للمسلمين .
كان العدل أساس حكم الخليفة علي بن أبي طالب .
وكان زاهداً في الدنيا يرى واجبه أن يعطي ولا يأخذ ، فكان لا يبقي درهماً في بيت المال بل ينفقه كله على الفقراء ، ثم يأمر بكنس بيت المال ويصلي فيه ركعتين شكراً لله عز وجل .
وعصفت الفتن بالأمة في عهد الإمام علي ، الأمر الذي لم يتركه كي يكمل مسيرة الراشدين في نشر الدين وانتهت بقتله .
فخرج عليه قوم سموا بالخوارج ؛ لا يجاوز إيمانهم حناجرهم وصرحوا بكفره وعاثوا في الأرض فساداً . فانشغل علي بقتالهم .
لقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم الإمام علي بالشهادة ، فكان لا ينسى أبداً تلك البشرى العظيمة ، وظل على يقين بأنه سيقتل شهيداً مهما طال عليه العمر .
ذهب الإمام علي إلى قوم من أهل البصرة وفيهم رجل من الخوارج يقال له الجعد فقال له : اتق الله يا علي فإنك ميت . فقال علي : (بل مقتول ، ضربة على هذا تخضب هذه - يعني لحيته من رأسه - ؛ عهد معهود وقضاء مقضي ، وقد خاب من افترى) .
[رواه زيد بن وهب الجهني في مسند أحمد وإسناده صحيح].
وفي يوم كان علي يسير في الطرقات كي يوقظ الناس إلى صلاة الفجر ، وفجأة انقض عليه رجل من الخوارج اسمه عبد الرحمن بن ملجم وضربه بالسيف في نفس المكان الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم .
وبدأ الدم يسيل على لحية الإمام علي . فأمسك الصحابة بقاتل الخليفة . فقال له علي : ألم أحسن إليك ؟
ثم قال : (أحسنوا نزله وأكرموا مثواه ، فإن أعش فأنا أولى بدمه قصاصاً أو عفواً ، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين ، ولا تقتلوا بي سواه إن الله لا يحب المعتدين) .
وبعد يومين قبض الله عز وجل روحه ، وكما دخل إلى الدنيا خرج منها زاهداً فيها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق