الأحد، 28 مايو 2017

3 رمضان 1438 هـ - عثمان بن عفان

لما قدم المهاجرون إلى المدينة وجدوا أن الماء العذب قليل ، وليس بالمدينة بئر مياه عذبة إلا بئراً تسمى رومة .
كان لا يشرب أحد من هذه البئر إلا بثمن ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن تشترى هذه البئر لتكون وقفاً لله ويشرب منها المسلمون . 
فقال صلى الله عليه وسلم : (من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ؟) .
فبادر الصحابي الجليل عثمان بن عفان إلى شرائها . وبقيت بئر رومة إلى اليوم شاهد عدل على فضل عثمان .
ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الرحيل إلى غزوة تبوك ؛ حث الصحابة على البذل لتجهيز جيش العسرة والذي بلغ تعداده بثلاثين ألف مقاتل .
فأنفق الصحابة كل على حسب طاقته وجهده ، أما عثمان فقد أنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها .
فقد قدم لجيش العسرة ألف بعيرٍ ، ولم يتركه بحاجة إلى خطام أو عقَال .
ولم يكتف بذلك بل جاء إلى رسول الله بألف دينار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم) .
عثمان بن عفان هو أحد المبشرين بالجنة ، وهو الرجل الذي تمت بسببه بيعة الرضوان أعظم بيعة في تاريخ الأرض .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عثمان وما زوجه ابنتيه إلا لحبه له ، فزوجه ابنته رقية ، وبعد أن توفيت زوّجه ابنته أم كلثوم ولذلك سمي بذي النورين .
وعثمان هو ثالث الخلفاء الراشدين ، وأنشئ في عهده أول أسطول بحري لحماية شواطئ بلاد المسلمين .
كان عثمان يطعم الناس الطعام الجيد ، ويدخل بيته فيأكل الخل والزيت .
واتسعت رقعة الفتوحات في عهده ، ودخل الناس في دين الله . فنشأ جيل جديد كان بحاجة إلى تعلم قراءة القرآن ، فاختلفوا في القراءة .
فأمر عثمان كتبة الوحي باستنساخ مصاحف لإرسالها إلى الأمصار وأمر الناس باعتمادها حتى لا يختلفوا في قراءتهم بسبب اختلاف لهجاتهم .
فجمع عثمان الأمة على قراءة واحدة وعلى رسم واحد إلى اليوم يسمى بالرسم العثماني . وكان لمصحف عثمان الفضل العظيم في تيسير حفظ القرآن وتلاوته ؛
مصحف جامع يلتقي المسلمون حول آياته عبر القرون في شتى أنحاء الأرض .
وحياة عثمان كلها قرآن ؛ عاش مع القرآن واستشهد وهو يقرأ القرآن . قال عثمان : (إني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر فيه إلى عهد الله «يعني المصحف»).
وفي آخر خلافته ظهر رجل اسمه عبد الله بن سبأ وبدأ بافتراء الشائعات على أمير المؤمنين عثمان ، فثار المنافقون على عثمان وزوروا كتاباً يريد فيه أن يقتلهم .
ووقفوا أمام داره يحاصرونها ، ومنعوا عنه الماء وأن يشرب من بئر رومة التي أهداها للناس ، وتجرؤا على رجل أحبه النبي وزوجه ابنتيه .
وتذكر عثمان وهو محاصر وصية النبي صلى الله عليه وسلم له : (يا عثمان ؛ إن الله مقمصك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني) . [صحيح الجامع : الألباني عن أم المؤمنين عائشة].
وجاء الصحابة يدافعون عنه فقال لهم : (أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وأن ينطلق إلى منزله) ،
وفي آخر يوم له قال : (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : يا عثمان ، أفطر عندنا) فأصبح صائماً .
ثم قام المتأمرين فهجموا عليه وقتلوه وهو يتلو القرآن . قتلوا شيخاً وحيداً تجاوز عمره الثانية والثمانين .
لم يرد الحاكم الشجاع أن يقاتل هؤلاء الناس الذين خرجوا عليه كي يحمي ملكه ، وكره أن يتوقى بالمؤمنين وأحب أن يقيهم بنفسه . وأراد ألا يلقى الله وعلى يديه قطرة واحدة من دماء مسلمة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق