السبت، 27 مايو 2017

2 رمضان 1438 هـ - عمر بن الخطاب

لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة في مكة ، كان أغلب المسلمين لا يزالون يخفون إسلامهم خوفاً من أذى قريش ، وكان من أشدهم إيذاءً رجل اسمه عمر بن الخطاب .
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يعز الإسلام في هذه الشدة .
فاستجاب الله دعاء نبيه وهدى عمر إلى الإسلام ، فكان في إسلامه عزة للإسلام والمسلمين ، وأصبح للمسلمين من يدافع عنهم .
قال ابن مسعود : ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر .
إنه الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل ، وكان من أحب الصحابة إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم .
قال صلى الله عليه وسلم : (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه) [صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر].
كان رجلاً قوياً شجاعاً وقد تحدى قريشاً بإسلامه ، وهاجر جميع المسلمين خفيةً إلا عمر فقد أعلن هجرته إلى المدينة المنورة وهاجر جهاراً في النهار .
كان عمر حازماً مع الناس يحكم بالعدل والحق والإنصاف .
كان الفاروق هو أول من أنشأ الدواوين التي تشبه الوزارات في عصرنا الحاضر وذلك لحفظ الأموال وتنظيم توزيعها .
وعمر هو من أسس التقويم الهجري رمز الأمة الإسلامية والذي نؤرخ به اليوم ، واتخذ من الهجرة الشريفة من مكة إلى المدينة بداية للتاريخ الهجري .
وكان الفاروق يخفي خلف قوته رقة نادرة . فقد كان رحيماً بالناس ويتفقد أحوالهم بنفسه .
حاكم لا ينام بالليل حتى يطمئن على رعيته ؛ فيحمل على ظهره كيس الدقيق كي يسد جوع أطفال يبكون ،
ويأمر زوجته أن ترعى امرأة غريبة عن المدينة حضرتها الولادة ، ثم يقوم بنفسه بتحضير الطعام لها ولزوجها .
وفي عام الرمادة أصاب المسلمون في المدينة مجاعة شديدة ، فقد انقطع المطر وأجدبت الأرض وقل الطعام . فألزم عمر نفسه ألا يأكل سمناً حتى يكشف ما بالناس ؛ فاسود لونه وتغير جسمه .
وفي حصار مدينة القدس اشترط البطريرك أن يحضر الخليفة بنفسه كي يتسلم القدس ويعطي أهلها عهداً ، وذلك لما سمعه عن عمر من عدالة ورفق ووفاء بالعهد .
فخرج عمر من المدينة ولما وصل إلى بيت المقدس أقبل الناس ليروا موكب زعيم أكبر دولة الذي قاد الانتصارات وهزم الفرس والروم .
فإذا بهم يروا رجل مع بغلته وخادمه فقط ، ثيابه مرقعة يخوض في الطين ، فقيل : لو لبست غير هذا الثوب يا أمير المؤمنين . فقال عمر كلمته المشهورة :
(نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) .
ثم كتب العهدة التي أعطى الناس فيها أماناً على أنفسهم ، وسمح لليهود بممارسة شعائرهم الدينية بحرية في القدس . واختار عمر أن يصلي على مسافة من كنيسة القيامة حتى لا يعرض مكانتها للخطر .
كان من دعاء عمر : (اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ، وموتاً في بلد رسولك) .
نال الشهادة وهو إمام الناس في صلاة الفجر .
لقد كان للصلاة شأن عظيم عند عمر شهيد المحراب ، فكان يوقظ الناس إليها ويحرص على تسوية الصفوف بنفسه .
ولما طعنه الغلام المجوسي سقط عمر مغشياً عليه . فلما أفاق كانت أول كلمة قالها : أصلى الناس ؟ قالوا : نعم . قال : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة .
ثم توضأ ولما صلى الفجر وانتهى سألهم : من قتلني ؟ قالوا : قتلك الغلام المجوسي . قال : الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق